هذا المقال هو أحد مجموعة من المقالات تختص بنقاش موضوعات إسلامية بشكل أو بآخر. ستجد في هذا الرابط قائمة بالمقالات المتاحة.
تتناقش مع الكثير من المسلمين فتقابل بردود مثل ”أنا كافر عندك مثلما أنت كافر عندي“ أو ”أنت تعتبرني درجة ثانية أيضاً لأنني لا أؤمن بما تعتقد“ أو ”كل من هو غير مسلم لا يدرك عظمة الإسلام“ أو ما شابهها من مغالطات وإسقاطات نفسية على غير المسلم الذي ينتقد الإسلام. أتناول في هذا المقال مناقشة بعض هذه الردود وبيان عدم منطقيتها وأرجو أن يتوقف المسلمون عن استخدامها كردود ’منطقية‘ على مناقشيهم، خاصة عندما لا يتعلق موضوع النقاش بالرد على الإطلاق! العنوان هنا لا يقصد نسبة محتوى المقال إلى الإسلام كنظام فكري، وإنما نسبته إلى بعض المدافعين بشكل آلي عن الإسلام ومناقشة ردودهم المتكررة.
أولاً: كل غير مسلم لا يدرك عظمة الإسلام
والكلام هنا عن النسخة الرسمية للإسلام المعتمدة من جهاته الدينية الرسمية المسؤولة عن تفسيره وتعليمه. هذه قضية كليّة، وقد يعني بها المسلم أمر من اثنين:
- أن كل من هو من غير المسلمين هو من غير المدركين لعظمة الإسلام ، أو بلغة المنطق ”كل غير الموضوع هو من غير المحمول،“ وهي قضية كلية موجبة فيها الموضوع هو ’غير المسلمين‘ والمحمول هو ’غير المدركين لعظمة الإسلام،‘ والوجه الآخر المكافئ (obverse) لها هو ”لا يوجد من غير المسلمين من هو مدرك لعظمة الإسلام،“ أي أن إدراك عظمة الإسلام شرط كافٍ للدخول في الإسلام، ويمكن التعبير عنها أيضاً بشكل مكافئ بصيغة الشرط ”إذا أدرك إنسان عظمة الإسلام فإنه حتماً سيصير مسلماً.“
- أن كل من هو من غير المسلمين ليس هو ممن أدركوا عظمة الإسلام، أو أن ليس من غير المسلمين من أدرك عظمة الإسلام، وهي قضية كلية سالبة فيها الموضوع هو ’غير المسلمين‘ والمحمول هو ’إدراك عظمة الإسلام،‘ والقضية الكلية السالبة قضية منعكسة، أي أن العكس يبقى على وضع القضية من الصدق أو الكذب، وبالتالي فهي مكافئة لقولنا ”لا يوجد من أدرك عظمة الإسلام وهو من غير المسلمين،“ ويمكن أيضاً التعبير عنها في صيغة الشرط الثنائي: ”إذا صار شخص ما مسلماً فإنه بالضرورة قد أدرك عظمة الإسلام، وإذا أدرك شخص ما عظمة الإسلام فإنه بالضرورة يعتنق الإسلام.“ أي أن إدراك عظمة الإسلام هو شرط كافٍ وضروري للدخول في الإسلام.
فهل إدراك عظمة الإسلام شرط كافٍ وضروري للدخول في الإسلام بنسخته الرسمية المعتمدة؟
لو كان شرطاً ضرورياً لكان كل مسلم بالضرورة يدرك عظمة الإسلام. فهل كل مسلم يدرك عظمة الإسلام؟ هل هناك من المسلمين من يرى أن نسخة الإسلام الحالية المعتمدة من الجهات الرسمية كالأزهر الشريف أو المملكة العربية السعودية ليست نسخة عظيمة؟ هل هناك من يعتقد بأن التغيير مطلوب وأن هذه النسخة تصل في بعض الأحيان إلى حد كونها مخزية؟ نعم، يوجد مثل هؤلاء، والأمثلة عديدة مثل ’سيد القمني‘ و’فاطمة ناعوت‘ و’إسلام البحيري‘ وكل القرآنيين! هذا ينفي ضرورية الإعتقاد بعظمة النسخة الرسمية المعتمدة من الإسلام.
فهل الإعتقاد بعظمة الإسلام شرط كاف للدخول فيه؟ الشرط الكافي تعريفاً هو ما يكفي وحده لتحقق المشروط، ولا يلزم تحقق أي شيء معه ليتحقق المشروط، أي أن إدراك عظمة الإسلام وحده يكفي بدون أي شروط أخرى أو عوامل أخرى لدخول الإنسان في الإسلام. ماذا إذاً عن ’المؤلفة قلوبهم؟‘ أليس هؤلاء قوم يبقون في الإسلام لأنهم يستفيدون مادياً من بقائهم في الإسلام؟ من داخل الإسلام إذاً هناك ما يدل على أن إدراك الاعتقاد بعظمة الإسلام ليس شرطاً كافياً للدخول فيه أو الإيمان به.
فإذا لم يكن إدراك عظمة الإسلام شرطاً كافياً ولا شرطاً ضرورياً للإيمان بالإسلام، فإن القضية الأصلية المطروحة هي قضية كاذبة.
الأصح أن يقال إن ”بعضاً من المسلمين يدركون عظمة النسخة الرسمية المعتمدة من الإسلام،“ وهي قضية جزئية موجبة لا تدلل على أي شيء على الإطلاق. هذا بالإضافة إلى أن التدليل على عظمة الإسلام يحتاج إلى الكثير من النقاش في حد ذاته. ولكن فلنفترض أن النسخة الرسمية المعتمدة للإسلام هي بالفعل نسخة عظيمة ولكن ليس الكل يدرك ذلك. ما هو إذاً احتمال أن يتعرف الإنسان العادي متوسط العقل والذكاء على شيء عظيم منطقياً ولا يؤمن به؟ في الواقع أننا لا نعرف، ولكن هناك بعض الأرقام التي قد تساعدنا على التخمين.
في العالم حوالي سبعة مليارات من البشر، منهم حوالي مليار ونصف مسلم، والكثير منهم يعترض على بعض مكونات النسخة الرسمية للإسلام، ولكن فلنفترض أنهم جميعاً موافقون عليها. في مقابل كل مسلم يوجد حوالي ٣ أشخاص غير مسلمين في العالم، فالمسلمون يشكلون أقل من ربع سكان العالم، أي أنه يوجد ما لا يقل عن ٥ مليارات من غير المسلمين.
لنفترض أن نصفهم ليسوا في سن الرشد أو لا يعقلون (راجع الرابط)، فيتبقى ٢٫٥ مليار نسمة.
لنفترض أن منهم ١٫٥ مليار لم تُتِح لهم الظروف التعرف على النسخة الرسمية للإسلام، فيتبقى مليار نسمة من البالغين الراشدين تعرفوا على النسخة الرسمية للإسلام (فنحن في زمن السماوات المفتوحة والإنترنت) ولم يؤمنوا به.
لنفترض أن واحداً فقط من كل مئة من هؤلاء المليار هو الذي لم تتلوث معرفته بالإعلام المغرض و’الحاقدين‘ على الإسلام و’أعداء الدين،‘ فيتبقى لنا ١٠ ملايين على أقل تقدير من البشر العاقلين الراشدين الذين تعرفوا على النسخة الرسمية للإسلام ولم تتلوث معرفتهم بحقد المغرضين ولم يؤمنوا بالإسلام (وهذا العدد ربما يقل عن تعداد المصريين المسيحيين فقط بالمناسبة).
فلنفترض أن احتمال أن يتعرف الشخص الراشد العاقل على فكرة منطقية عظيمة ويرفض الإيمان بها وتصديقها هو \(x\)، فيكون احتمال أن يتعرف عليها فيؤمن بها ويصدقها هو \((1-x)\). معنى أن يتعرض ١٠ ملايين من البشر لهذه الفكرة فيرفضون الإيمان بها أن احتمال تصديق فرد واحد منهم لهذه الفكرة هو أقل من واحد في العشرة ملايين، أي أن \(x \lt 1 - 0.0000001\) مما يعني أن \(x \gt 0.9999999\)
أي أن احتمال أن يتعرف الشخص الراشد العاقل على فكرة منطقية عظيمة ويرفض الإيمان بها وتصديقها هو تقريباً مؤكد!!!
لاحظ اننا استثنينا من العدد غير العاقلين الراشدين ومن لم تُتِح لهم الفرصة التعرف على الإسلام ومن تأثروا سلباً بالإعلام المغرض ولم نأخذ في الحسبان سوى ١٠ ملايين من تعداد أكثر من ٥ مليار نسمة، أو حوالي ٢٫٥ مليار شخص بالغ راشد، أي نسبة ٤ في الألف، أو شخص من كل ٢٥٠ شخص بالغ راشد من سكان العالم من غير المسلمين! أظن أن ليس في هذا إجحاف للإسلام. هذه النتيجة المضحكة للحساب السابق سببها أن القضية الأساسية قضية كاذبة، فإدراك عظمة الإسلام ليس بهذا الوضوح. في رأيي أنه مستحيل لمن يستخدم المنطق السليم.
ثانياً: أنا كافر عندك مثلما أنت كافر عندي
هذه مغالطة منطقية تعرف باسم المواربة (Equivocation) إذ أن معنى الكافر في الإسلام ليس هو معنى الكافر المقصود في عبارة ”أنا كافر عندك.“ المسلم يقصد بالكفر في هذه العبارة أنه في نظر الأديان الأخرى هو ’غير مؤمن،‘ وهو مختلف بشكل رهيب عن مرادف الكافر في الإسلام، فلقب ’كافر‘ في الإسلام لا يعني فقط أنه لا يؤمن بالإسلام، ولكن له تبعات إجتماعية وشرعية تجحف من حق غير المسلم وتجعل منه إنساناً من الدرجة الثانية في المجتمع الذي يحكمه الشرع الإسلامي. لا حاجة لي بالمزيد من النقاش في هذا المجال، فالنسخة الإسلامية المعتمدة واضحة جداً في هذا الشأن، والأمثلة كثيرة، ولقد كتبت سابقاً في هذا الشأن ما يلي:
- هل يطالب الأقباط بتطبيق الشريعة الإسلامية؟
- الإلزام القانوني و الالتزام الديني
- ما بين الازدراء و الافتراء
- العدالة الإسلامية
ثالثاً: إعتبار المسلم إنساناً من الدرجة الثانية من قبل غير المسلم
هل هذا تبرير لاعتبار غير المسلم مواطناً من الدرجة الثانية في الدولة الإسلامية؟ وهل هذا الافتراض صحيح من الأساس؟ هل يعتبر غير المسلم أن المسلم إنسان أقل شأناً لمجرد أنه يختلف معه في المعتقد؟
في معتقدي الشخصي فإن كل البشر متساوون في الحقوق والواجبات، وهذا ما يهم. رأيي في أي شخص لا يهم إذا كان غير مؤثر فيما يحصل عليه هذا الشخص من الحقوق وما يفرض عليه من الواجبات. على سبيل المثال، إن كنت أعتقد (وهذا مجرد فرض) أن كل الأميين هم حثالة المجتمع، ولكنني أؤمن بأنهم مواطنون على نفس القدر من المساواة لهم كل حقوق الإنسان وعليهم كل واجبات المواطن فماذا يضير الأميين اعتقادي أنهم حثالة المجتمع؟ طالما انني لم أحرم أياً منهم من أي حق من حقوقه ولم أفرض عليه ما يزيد عن أي مواطن آخر فإن رأيي فيهم قد يميزني أو يشينني أنا ولكنه لا يؤثر عليهم. أما في الدولة الإسلامية فإن هناك تفريقاً في الحقوق والواجبات لا يبرره رأي أي شخص في أي شخص آخر. الموضوع هنا تجاوز حدود الفكر وتخطاه إلى حدود التفريق الفعلي بين البشر في المعاملات اليومية بناء على المعتقد الديني. هذا لا يمكن أن يتساوى مع رأي لا يؤثر على أرض الواقع.
ثم هل أنا مضطر أن أوافق كل شخص على ما يعتقده لكي تنتفي عني ’تهمة‘ أنني أنظر لمن أختلف معهم في الرأي على أنهم أدنى؟! ماذا إذاً لو كان هناك اثنان على طرفي نقيض من بعضهما البعض في الرأي؟ هل يجب أن أوافق كلاً منهما على رأيه لكي تنتفي عني التهمة؟ وما فائدة التفكير والمنطق في هذه الحالة؟ أليس هذا يجعل مني منافقاً؟
كوني أراك لا تفكر بطريقة سليمة لا يعني أنني أعتبرك إنساناً من الدرجة الثانية، ناهيك عن التفريق الفعلي في المعاملات اليومية من الحقوق والواجبات بناء على أنني لا أراك تفكر بطريقة سليمة.
هذا عن معتقدي الشخصي، فماذا عن الثقافات غير المسلمة؟ لا تجد في الغالبية العظمى من الدول المتقدمة ذات الثقافة غير الإسلامية تمييزاً قانونياً (ناهيك عن التمييز الشرعي المقدس الذي يستمد قوته وقدسيته من الإله مباشرة) ضد المسلم في الحقوق والواجبات لمجرد عقيدته. وإن وجد التمييز فهو لا يستمد قوته وشرعيته من الإله، وإنما هو أمر دستوري أو قانوني قابل للتعديل متى قرر الشعب ذلك. وهناك مفوضيات لحقوق الإنسان (Human rights commissions) ترعى حقوق كل من يتعرض للتفريق بسبب معتقده (من ضمن أسباب كثيرة)، بل أن هناك ظاهرة التفريق العكسي (Reverse discrimination) التي ظهرت في الدول المتقدمة ذات الثقافة غير الإسلامية نتيجة حرص القانون على إعطاء الأقليات حقوقهم كاملة.
فهل هذا بالله عليكم يستوي مع التفريق البين ضد غير المسلمين في الشريعة الإسلامية طبقاً للنسخة المعتمدة من الإسلام؟!
رابعاً: أنت تجهل الإسلام ولذلك تقول ما تقول
يا عزيزي هناك مئات الحلقات من نقد الإسلام على موقع Islam Explained وهو ما يذاع على قناة الحياة أسبوعياً مراراً وتكراراً، وهو يأتي بنقده من المراجع الإسلامية وليس من مكان آخر، فشاهد ما فيه واكتب رداً عليه وانشره لنعلم ونمحو جهلنا بالإسلام. حتى الآن، معظم نقدهم غير مردود عليه، وإن كنت لا أتفق مع كل ما يعرضونه برغم عدم إيماني الوثيق والمؤكد بالإسلام. ونشر الردود في عصر الإنترنت سهل وفعال ومجاني!
وهذا يقودنا للنقطة التالية.
خامساً: أنت تقول ما تقوله لأنك حاقد على الإسلام
هذا يعرف في المنطق بمهاجمة الشخص Ad hominem أو ما يسمى في الثقافة الحديثة ’شخصنة‘ الحوار، فببساطة كل من لا يتفق معك في نظرتك الخيالية لعظمة الإسلام هو شخص شديد الكره للإسلام بدون سبب!! لا أظن أبداً أن شخصاً طبيعياً يكره أفكاراً بدون أسباب. ربما يرفض اعتناق أفكار بدون إبداء أسباب، ولكن الشخص الطبيعي لا يكره أفكاراً بدون أسباب وجيهة. فإذا كنت أكره الإسلام فلا بد أن لي أسبابي التي ينبغي مناقشتها بشكل موضوعي، وإذا لم يكن عندي ما يجعلني أكره الإسلام فأنت تحاول إيجاد سبب وهمي يفسر عدم اتفاقي معك في الرأي وهو اتهامي بأنني أكره الإسلام وأحقد عليه.
هل سألت نفسك لماذا أحقد أنا أو غيري على الإسلام؟ ليس أسهل من دخول الإسلام، فإذا كنت أحقد لأنك تتمتع بمزايا الإسلام وأنا محروم منها، فماذا يمنعني عن دخول الإسلام؟! حتى إن كنت أريد أن أستأثر بهذه المزايا لي وحدي، فماذا يمنعني من الدخول في الإسلام؟! ولماذا أحقد على الإسلام وهو يَعِدُني بالتمييز الإيجابي إن دخلت فيه؟! لو لم يكن هناك في الإسلام ما يدعو إلى كرهه لما كرهه أحد. القضية بسيطة جداً.
سادساً: داعش وأمثالها لا يمثلون الإسلام الصحيح
داعش وأمثالها يستمدون مرجعيتهم من القرآن والأحاديث والسنة، ومعظم ما يفعلونه يستند إلى مرجعية إسلامية بنصوص صريحة. هناك الآن أمران:
- إما أن هذه النصوص لا تمثل الإسلام وأنها دخيلة على الفكر الإسلامي (وهذا يمثل مشكلة أخرى لأنها استمرت لمدة ١٤ قرناً من الزمان) وفي هذه الحالة فإن النسخة الرسمية للإسلام لا بد أن تتبرأ من هذه النصوص وتعزل نفسها عن أفعال داعش وما يماثلها.
- وإما أن هذه النصوص تمثل النسخة المعتمدة الرسمية للإسلام، وفي هذه الحالة فلا لوم على داعش!! إذا كان في ذهنك نسخة من الإسلام تختلف عن النسخة الرسمية له فذلك شيء آخر. الحديث هنا عن النسخة الرسمية التي تدرس في المعاهد الدينية وتنبثق من المراجع الإسلامية التقليدية المعروفة.
ثم أن من ينتقد الإسلام لا ينتقده لمجرد أفعال تابعيه يا سيدي الفاضل. من ينتقده يفعل ذلك لأن داعش وأمثالها يستمدون مرجعيتهم من نصوص دينية عديدة كلها تصب في قالب فكري واحد هو ما تفعله داعش على أرض الواقع! لا أحد ينتقد البوذية لأن بعض الصينيين يجهضون الأجنة إذا علموا أنها اناث، وذلك بمنتهى البساطة لأن البوذية لا توصي بذلك. من يفعل ذلك منهم لا يستمد شرعيته ولا يعتمد على نصوص دينية مقدسة. لا أحد ينتقد الهندوسية لأن الكثير من الهنود ينظرون نظرة دونية إلى المرأة كما نفعل في مجتمعاتنا الشرقية، وذلك لأن هذه مشكلة ثقافة محلية لا علاقة لها بالدين، ومن يفعل ذلك لا يستند على نصوص دينية لتبرير ما يفعله. افتحوا أعينكم أثابكم الله!
من ينتقد الإسلام بناء على ما تفعله داعش ينتقد النصوص التي تستند إليها داعش، ولا ينتقد مجرد أفعال داعش وأمثالها. لو لم تكن تلك النصوص موجودة في الإسلام لما استطاع أحد أن ينتقد الإسلام بسبب أفعال داعش وأخواتها، وأظن أنه لم تكن داعش لتظهر من الأساس.
سابعاً: الإسلام كان أخف وطأة على البلاد التي فتحها من مستعمريها الذين سبقوه
هذا يعني أنه له وطأة على البلاد التي غزاها!! حتى وإن كانت أخف من غيرها، وإن كنت لا أتفق مع هذا الرأي.
ثم أن الكثير والكثير من البلاد التي غزاها المسلمون الأوائل لم تكن مستعمرة! شمال أفريقيا والأندلس لم تكن دولاً مستعمرة وإنما كانت محكومة بأهلها. كذلك بلاد الفرس والهند (باكستان حالياً) ووسط آسيا كانت بلاداً محكومة بأهلها. الإسلام غزا تلك البلاد ولم يحررها من أي استعمار. الإسلام كان هو الاستعمار. قارن خريطة الدولة البيزنطية (الروم) في مطلع القرن السابع الميلادي (قبل الغزو الإسلامي) بخريطة التوسعات والغزوات الإسلامية حتى نهاية العصر الأموي.
ثم إن البلاد التي غزاها الإسلام لم تستقبل الغزاة بالورود كما توحي لنا الدعاية الإسلامية. لقد كانت هناك حروب وضحاياها كثيرون، مما يعني أن سكان تلك البلاد لم يريدوا المسلمين حكاماً عليهم. وكانت هناك ثورات واضطرابات في العديد من البلاد التي غزاها الإسلام نتيجة فرض ضرائب (جزية) باهظة على سكانها، والمعلومات متاحة على الإنترنت لمن يريد أن يبحث عنها ويطلع. كل ما في الأمر أن الإسلام ساعدته الظروف بظهوره في وقت كان فيه العالم القديم في حالة من التمزق والتفكك والانحطاط ولم تكن هناك إمبراطورية أو مملكة قوية يمكنها صد الزحف الإسلامي، هذا بالإضافة إلى الامتيازات التي يعطيها الإسلام لمن يدخله والتي مكنت الدولة الإسلامية من تضخيم جيشها بشكل كبير في وقت قصير.
ملحوظة لمن لا يعرف: لفترة ليست قصيرة من الزمن كانت الجزية تفرض على غير العرب حتى بعد دخولهم الإسلام، وذلك كان من ضمن الأسباب التي أدت مثلاً إلى ثورة البربر.
ثامناً: الإسلام كان سبباً في حضارة البلاد التي فتحها
الواقع أن الهراء لا يمكنه أن يكون أهرأ من ذلك مطلقاً!!!
كل الإمبراطوريات والممالك القديمة التي غزت بلاداً وتوسعت نجد أنها جلبت معها من موطنها الأصلي ما تركت به علامات في تلك البلاد، فنجد آثاراً رومانية في مختلف أراضي الإمبراطورية الرومانية وكذلك الإمبراطورية الإغريقية والممالك الفرعونية وحضارة فارس والهند والصين واليابان وكل الحضارات القديمة. ولكن أهم ما يميز تلك الحضارات أنها جلبت بصمتها من موطنها الأصلي، فتجد دائماً أن الموطن الأصلي للحضارة به أكثر معالم تدل عليها، فماذا يوجد في الموطن الأصلي للإسلام؟ لا شيء!!!
الإسلام تطفل على الحضارات الأخرى ونسب حضارتها إليه، وستجد في إيران والعراق آثاراً فارسية بنكهة إسلامية، وفي الهند وباكستان آثاراً هندية بنكهة إسلامية، وفي مصر أثاراً مصرية بنكهة إسلامية، وفي الأندلس أثاراً إسبانية بنكهة إسلامية وفي تركيا آثاراً بيزنطية بنكهة إسلامية. الإسلام أخذ من كل هذه الحضارات وغير منها قليلاً ونسبها إلى نفسه (أو بمعنى أدق نسبها المسلمون إلى الإسلام). المدهش في الأمر أن شيئاً من تلك الحضارات لم يَعُد إلى مسقط رأس الإسلام أبداً!
وقد كتبت سابقاً عن (انعدام) العلاقة بين الدين والتقدم الحضاري.
أعلم أن المغالطات المذكورة أعلاه ستستمر في الظهور في المناقشات طالما هناك مسلمون، وإنما أردت أن أجمع الردود عليها في مقالة لتجنب تكرار الرد عليها مرات ومرات، ولو أنني الآن في أغلب الأحوال لا أرد مطلقاً على من يستخدم مثل هذا الهراء في النقاش. ولا يعني هذا أنني أحتقره، ولكن يعني أنني أعتبر آراءه ضرباً من العبث يتطلب إنهاء أي محاولات للنقاش لأنها عقيمة عقيمة عقيمة.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق