بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

الضرب والقسمة

هذه التدوينة هي من سلسلة تدور حول الرياضيات. هذا الرابط يحتوي على قائمة بالتدوينات المتعلقة بهذا الموضوع.


المقال السابق: الجمع والطرح


الضرب والقسمة ما هما إلا وسيلتان للتعبير عن نمط معين من الجمع أو الطرح الذين تحدثنا عنهما في المقال السابق، واستخدام مفهوم الضرب والقسمة يؤدي إلى التعبير عن الأنماط المتكررة من الجمع والطرح بشكل مختصر، وهذا الشكل نبحث هنا خصائصه.

فلنفرض أننا نريد أن نجمع عدداً ما على نفسه ونستمر في هذه العملية لعدد معين من المرات، مثلاً أن نقول:

\[ \overbrace{5+5+5+ \dotsb +5}^{100 \text{ times}}=500 \]

هل في هذه الحالة سنستمر في كتابة \(5+5+5+\dotsb\) مئة مرة؟ أليست هناك طريقة أسهل من ذلك للتعبير عن هذا النمط المتكرر؟ هذه الطريقة في الرياضيات هي عملية الضرب، واصطلح على التعبير عنها بالرمز \((\times)\)، فبدلاً من أن نكتب \(5+5+5+\dotsb\) مئة مرة نكتب \(5\times 100=500\) لنعني أننا نجمع العدد 5 على نفسه 100 مرة.

\[ \begin{equation} \label{eq:multiplication} \large{\color{blue}{x \times n = \overbrace{x+x+ \dotsb +x}^{n \text{ times}}}} \end{equation} \]

يمكن أيضاً تصور أن الضرب هو جمع عدد معين من مجموعات من أشياء ما تحتوي كلها على نفس العدد من هذه الأشياء، فمثلاً أن نجمع عدد 20 سلة كل منها تحتوي على 7 تفاحات فإننا نضرب العدد 7 في العدد 20 وإجمالي التفاحات الموجودة في كل السلال يكون هو حاصل ضرب 7 في 20، وهذه غالباً هي الطريقة التي نستخدمها لتعليم الصغار مفهوم الجمع.

ضرب أي عدد في الصفر ينتج عنه صفر، وذلك لأننا يمكن أن نعتبر أن ضرب الصفر في عدد \(x\) هو جمع الصفر على نفسه \(x\) من المرات، والناتج سيكون صفراً لأن الصفر هو العامل المحايد الجمعي، أو يمكن أن نعتبر أن ضرب \(x\) في صفر هو جمع \(x\) على نفسه صفراً من المرات، أي أنه مجموع خالٍ، وقيمة المجموع الخالي هي الصفر أيضاً كما أوضحنا في المقال السابق.

\[ \begin{equation} \label{eq:multiplicationbyzero} \large{\color{blue}{x \times 0 = 0 \times x = 0}} \end{equation} \]

وحاصل ضرب أي عدد \(x\) في 1 هو نفس العدد \(x\)، لأننا يمكن أن نعتبر أنه 1 مجموعاً على نفسه \(x\) من المرات، أي أننا نعد من 1 إلى \(x\)، وبالتالي يكون الناتج \(x\)، أو أنه \(x\) مجموعاً مرة واحدة، وبما أن لا شيء يجمع عليه فإن الناتج أيضاً يكون \(x\). العدد 1 إذاً هو ’العامل المحايد الضربي‘ (multiplicative identity).

\[ x \times 1 = \overbrace{x}^{1 \text{ time}} \\ 1 \times x = \overbrace{1+1+1+ \dotsb +1}^{x \text{ times}} \] \[ \begin{equation} \label{eq:multiplicationbyone} \large{\color{blue}{x \times 1 = 1 \times x = x}} \end{equation} \]

أما القسمة فهي المفهوم العكسي للجمع، فبدلاً من أن يكون عندنا 20 سلة بكل منها 7 تفاحات فيكون الإجمالي \(7\times 20=140\) فإننا نبدأ بإجمالي 140 تفاحة ويكون السؤال: كم عدد التفاحات التي يمكن وضعها في كل سلة من السلال العشرين بحيث تحتوي كل منها على نفس العدد من التفاحات؟

الطريقة التي نتبعها لنعرف الإجابة هي وضع تفاحة واحدة في كل سلة حتى يكون في جميعها تفاحة واحدة، ثم نضع تفاحة ثانية في كل واحدة حتى يكون في جميعها تفاحتان، وهكذا حتى تنتهي ثمار التفاح، ثم نعد ثمار التفاح الموجودة في كل سلة منها فيكون هذا هو خارج القسمة (quotient of division). نلاحظ هنا اننا نستخدم العد والأنماط فقط لمعرفة خارج قسمة عدد على آخر. نلاحظ أيضاً أن القسمة عبارة عن طرح متكرر، فنحن نطرح من العدد المراد قسمته عدداً مساوياً لعدد ’السلال‘، ثم نكرر هذا الطرح. ونستخدم الرمز \((\div)\) للتعبير عن عملية القسمة، وقد نكتب المقسوم أولاً ثم شرطة مائلة ثم المقسوم عليه هكذا \(x/y\)، أو قد نكتب المقسوم وتحته شرطة أفقية وتحتها المقسوم عليه هكذا \(\frac{x}{y}\)، وكلها متعارف عليها في الرياضيات الحديثة للتعبير عن القسمة.

ولكن هناك الحالة التي لا يمكن فيها وضع عدد متساوٍ من ثمار التفاح في كل سلة، فمثلاً إذا بدأنا بعدد 73 تفاحة وعدد 20 سلة، فإن كل سلة سيوضع فيها عدد متساوٍ من التفاحات حتى يكون في كل منها 3 تفاحات، أما المتبقي وهو 13 تفاحة فلا يكفي لكي يكون بكل سلة عدد متساوٍ من التفاحات. في مثل هذه الحالة نقول أن للقسمة باقٍ. باقي القسمة (remainder of division) هو ما يبقى في نهاية عملية القسمة بحيث لا يكفي لأن يوزع على ’السلال‘ ليكون في كل منها عدد متساوٍ من ’التفاحات‘، فإذا لم يتبق شيء في النهاية (أي كان الباقي صفراً) فإننا نقول إن العدد الأول قبل القسمة على الثاني، فنقول مثلاً أن 140 يقبل القسمة على 20، بينما إذا لم يكن الباقي صفراً نقول إن العدد الأول لا يقبل القسمة على الثاني، فنقول إن 73 لا يقبل القسمة على 20.

ولأنه من الوارد جداً ألا يقبل عدد ما القسمة على آخر، فإن باقي القسمة جزء لا يتجزأ من تعريف عملية القسمة، فنقول إن خارج قسمة \(x\) على \(y\) هو \(q\) مع باقي \(r\) تعني أن \(y\) مضروباً في \(q\) ثم مضافاً إليه \(r\) يساوي \(x\)

\[ \begin{equation} \label{eq:division} \large{\color{blue}{\frac{x}{y}=q \text{ with remainder } r \iff x=q \times y + r}} \end{equation} \]

وما سبق هو تعريف الحالة العامة للقسمة، والحالة الخاصة أن يكون \(r=0\) فنقول إن \(x\) يقبل القسمة على \(y\).

وعند الكلام عن الجمع والطرح لم توجد مشكلة كبيرة في ترتيب حساب أي تعبير رياضي، وخاصة بعد أن عرفنا أن الطرح يمكن اعتباره جمع المعكوس الجمعي، وعليه يمكن أن نحول الجمع والطرح إلى عملية الجمع فقط، أما في التعبير السابق \(\eqref{eq:division}\) فإن هناك عمليتان هما الضرب والجمع، فأي منهما نحسبه أولاً؟ بمعنى: هل في التعبير \(x=q \times y + r\) نحسب الجمع أولاً ثم نستخدم الناتج في حساب الضرب أم نحسب الضرب أولاً ثم نستخدم الناتج في حساب الجمع؟ هل نقيم ما سبق على إنه \(x=q \times (y + r)\) أم على أنه \(x=(q \times y) + r\)؟ لتجنب الخطأ الناتج عن الالتباس، ولأن الرياضيات تهتم بأن يكون لكل شيء معنى واحد محدد، فإن العرف في الرياضيات أن الضرب والقسمة لهما أولوية على الجمع والطرح، وربما ذلك ناتج من أن الضرب مبني على الجمع في الأساس، فهو أعلى منه في التعقيد، وكما سنرى لاحقاً فإن الأس له أولوية على الضرب والقسمة. ولكي يكون هناك مجال لتخطي ذلك الترتيب المتعارف عليه إذا تطلب الأمر، فإن الأقواس لها أعلى أولوية ممكنة، وكل ما يوجد داخل قوسين يتم حسابه أولاً، ويتم حساب ما في داخل الأقواس من الداخل إلى الخارج. أولوية تقييم العمليات الرياضية تسمى ’أولوية المعاملات‘ (operator precedence) وهي كالآتي:

  1. الأقواس، ويتم حساب ما داخل الأقواس من الداخل إلى الخارج، فمثلاً \(3 \times (2 + (\color{red}{(5-2)} \times 1))=3 \times (2+\color{red}{(3 \times 1)})=3 \times \color{red}{(2+3)}= 3 \times 5 =15\)
  2. الرفع إلى أس (سيأتي ذكره في مقال تالٍ)
  3. الضرب والقسمة، ولهما نفس الأولوية، ويتم حساب هذه العمليات بترتيب كتابتها
  4. الجمع والطرح، ولهما نفس الأولوية، ويتم حساب هذه العمليات بترتيب كتابتها

ولذلك لا نحتاج إلى كتابة أقواس في التعبير \(x=q \times y + r\) لأنه من المتعارف عليه أن الضرب له أولوية على الجمع.

والقسمة على الصفر غير معرفة في الرياضيات، لأنها ليست ذات معنى. تخيل بناء على المثال السابق أنني طلبت منك أن تقسم عدداً من التفاحات على كل طيور العنقاء الموجودة حالياً، ولكنك تعرف أنه لا توجد طيور عنقاء (على الأقل حالياً)، بمعنى آخر أن طيور العنقاء عددها صفر. كيف يمكنك في هذه الحالة أن تقسم التفاحات عليها؟ كيف يمكن أن تقسم شيء على لا شيء؟ يجب أن يوجد طائر عنقاء واحد على الأقل لكي يكون للتقسيم معنى. في حال تقسيم التفاحات على سلال، فإننا أخذنا تفاحة من الموجود ووضعنا واحدة في كل سلة حتى صارت السلال كلها بها تفاحة واحدة ثم كررنا العملية. في حالة العنقاوات غير الموجودة، كيف يمكنك أن تأخذ تفاحة وتعطيها لعنقاء غير موجودة من الأساس؟!

القسمة تشترط في تعريفها ألا يكون المقسوم عليه صفراً.

\[ \begin{equation} \label{eq:divisionhalfway} \large{\color{blue}{\frac{x}{y}=q \text{ with remainder } r \iff x=q \times y + r\\ y \ne 0}} \end{equation} \]

ولأن الضرب هو جمع في الأساس، فإن عملية الضرب تبادلية (commutative) لا تتأثر بتغيير مكان الحدود، والشكل الآتي يوضح كيف أن حاصل ضرب \(6 \times 4\) لا يتغير إذا اعتبرنا العملية \(6 \times 4\) أم \(4 \times 6\)، فإذا نظرنا إلى الشكل على أننا نضرب 6 مجموعات يتميز كل منها برقم معين (من 1 إلى 6 في هذه الحالة) وتحتوي كلها على نفس العدد من الألوان (أحمر وأزرق وأخضر وأصفر) في عدد الألوان في كل مجموعة سنصل إلى نفس النتيجة التي سنصل إليها إذا نظرنا إلى الشكل على أننا نضرب 4 مجموعات من الألوان بكل منها نفس العدد من الأرقام. في الحالتين ستكون النتيجة 24، ويمكن بسهولة تعميم ذلك على أي رقمين مضروبين في بعضهما.

وبصورة رياضية فإن

\[ \begin{array}{l,l} x \times n & = \overbrace{x+x+ \dotsb +x}^{n \text{ times}} \\ ~ & = \overbrace{\overbrace{\color{red}{1}+\color{purple}{1}+ \dotsb +\color{blue}{1}}^{x \text{ times}}+\overbrace{\color{red}{1}+\color{purple}{1}+ \dotsb +\color{blue}{1}}^{x \text{ times}}+ \dotsb +\overbrace{\color{red}{1}+\color{purple}{1}+ \dotsb +\color{blue}{1}}^{x \text{ times}}}^{n \text{ times}} \\ ~ & \overbrace{\overbrace{\color{red}{1}+\color{red}{1}+ \dotsb +\color{red}{1}}^{n \text{ times}}+\overbrace{\color{purple}{1}+\color{purple}{1}+ \dotsb +\color{purple}{1}}^{n \text{ times}}+ \dotsb +\overbrace{\color{blue}{1}+\color{blue}{1}+ \dotsb +\color{blue}{1}}^{n \text{ times}}}^{x \text{ times}} \\ ~ & = \overbrace{n+n+ \dotsb +n}^{x \text{ times}} \\ ~ & = n \times x \end{array} \] \[ \begin{equation} \label{eq:commutation} \large{\color{blue}{x \times n = n \times x}} \end{equation} \]

أما القسمة فليست تبادلية، والأمثلة على ذلك سهلة ولا داعي لذكرها. وإذا أردنا تعميم مفهوم الضرب على الأعداد السالبة فإننا يمكن أن نستخدم مفهوم العد في الاتجاه الصاعد أو الهابط كما هو مذكور في المقال السابق، ففي حالة أن يكون \(x\) و\(n\) عددين موجبين فإن \(-x \times n\) تعني أننا نضيف \(-x\) إلى نفسها عدداً من المرات قدره \(n\)

\[ \begin{array}{l,l} -x \times n & = \overbrace{(-x)+(-x)+ \dotsb +(-x)}^{n \text{ times}} \\ ~ & = \overbrace{-x-x- \dotsb -x}^{n \text{ times}} \\ ~ & = -(\overbrace{x+x+ \dotsb +x}^{n \text{ times}}) \\ ~ & = -(x \times n) \quad \text{from } \eqref{eq:multiplication} \end{array} \]

ولأن الضرب عملية تبادلية فإن ما سبق يعني أن \(-(x \times n) = -(n \times x)\)، ولكن مما سبق نجد أيضاً أن \(-n \times x = -(n \times x)\)، وبناء علي فإن:

\[ \begin{equation} \label{eq:negmultiple} \large{\color{blue}{-x \times n = x \times -n = -(x \times n)}} \end{equation} \]

فماذا إذا كان الرقمان المضروبان سالبين؟ سنستخدم ما وصلنا إليه إلى الآن من حقائق رياضية لتفحص هذه الحالة.

\[ \begin{array}{l,l} -x \times -n & = -(x \times -n) \quad \text{from } \eqref{eq:negmultiple} \\ ~ & = -(-(x \times n)) \quad \text{from } \eqref{eq:negmultiple} \\ ~ & = x \times n \end{array} \]

والخطوة الأخيرة ذكرناها في المقال السابق. وعليه فإن ضرب عددين سالبين في بعضهما البعض ينتج عنه عدد موجب، أما ضرب عددين مختلفين في الإشارة في بعضهما البعض ينتج عنه عدد سالب، وبالتالي فإن ضرب عدد زوجي من الأعداد السالبة في بعضها البعض ينتج عنه عدد موجب، لأن كل عددين سالبين منهما ينتج عنهما عدد موجب، وضرب عدد فردي من الأعداد السالبة في بعضها البعض ينتج عنه عدد سالب، وهذا يشبه تماماً ما قلناه بخصوص الإشارات السالبة في الجمع في المقال السابق.

\[ \begin{equation} \label{eq:doublenegmultiple} \large{\color{blue}{-x \times -y = x \times y}} \end{equation} \]

ولأن القسمة معرفة بناء على الضرب فإن قسمة عدد سالب على عدد سالب آخر ينتج عنه عدد موجب، وقسمة عددين مختلفين في الإشارة ينتج عنه عدد سالب.

\[ \begin{array}{l,c,l} \text{For all } x, y, a \in \mathbb{N} \\[2ex] -x \div y=-q & \iff & -x= -q \times y \\[2ex] x \div -y=-q & \iff & x= -q \times -y \\[2ex] -x \div -y=q & \iff & -x = q \times -y \end{array} \]

نلاحظ في المعادلات السابقة أن الرمز \((-)\) لا يعني الطرح، وإنما يعني اتجاه العد، أي أن العدد سالب، لأنه يعني الطرح فقط في حالة وجود حد قبله وحد بعده، أما هنا فقبله لا شيء أو علامة الضرب أو القسمة. نلاحظ أيضاً أن \(-x \div -y=q\) وأن \(x \div y=q\) ومنها أن \(-x \div -y = x \div y\)

نلاحظ أيضاً أننا استخدمنا رمزاً جديداً هو \((\in)\) وينطق ”ينتمي إلى“ ومعناه في المثال السابق أن كل من الأعداد \(x\) و\(y\) و\(a\) تنتمي إلى مجموعة الأعداد الطبيعية \(\mathbb{N}\)، أي أنها عناصر في هذه المجموعة وينطبق عليها تعريف الأعداد الطبيعية الذي هو—كما ذكرنا سابقاً—أنها أعداد صحيحة موجبة. عكس هذا الرمز هو \((\notin)\) وينطق ”لا ينتمي إلى“ فإذا قلنا \(0 \notin \mathbb{N}\) فذلك معناه أن الصفر لا ينتمي إلى مجموعة الأعداد الطبيعية، أي أنه ليس عنصراً فيها ولا ينطبق عليه تعريفها، فالصفر ليس موجباً ولا سالباً. سنستخدم هذين الرمزين من الآن فصاعداً لتوضيح بعض الشروط اللازمة لبعض المعادلات.

ومع اعتبار الأعداد السالبة تطرأ مشكلة جديدة: عند قسمة 57 على \(-6\) مثلاً، هل يكون خارج القسمة \(-9\) مع باقٍ قيمته 3 أم يكون خارج القسمة \(-10\) مع باقٍ قيمته \(-3\)؟ بمعنى آخر، هل نعتبر أن \(57=-6\times -9+3\) أم نعتبر أن \(57=-10 \times -6 -3\)؟ أم أن كلاً من الحلين مقبول؟ وإذا قبلنا الحلين، فهل من المقبول أن نقول إن \(57=-8 \times -6 + 9\) هو أيضاً حل مقبول؟

تذكر أن في الرياضيات من غير المقبول أن يكون هناك أكثر من معنى للشيء الواحد، وعلى الرغم من أن كل المعادلات السابقة مضبوطة إلا أن حل خارج القسمة طبقاً للعرف الرياضي هو الحل الأول فقط. للخروج من مشكلة وجود حلول لا حصر لها أضيف إلى تعريف القسمة السابق أن باقي القسمة لا بد أن يكون عدداً موجباً أصغر من القيمة المطلقة (القيمة بدون الإشارة) للمقسوم عليه، وفي الحالة الثانية فإن باقي القسمة عدد سالب، وفي الحالة الثالثة فإن باقي القسمة أكبر من القيمة المطلقة للمقسوم عليه لأن \(9>6\). هذه الطريقة في القسمة تسمى طريقة ’أصغر باقٍ موجب‘ (least positive remainder)، وهي المتعارف عليها في القسمة ما لم يوضح استخدام طريقة أخرى (وهناك طرق أخرى).

\[ \begin{equation} \label{eq:divisionfull} \large{\color{blue}{\frac{x}{y}=q \text{ with remainder } r \iff x=q \times y + r\\ y \neq 0; \: 0 \le r \lt \rvert y\rvert}} \end{equation} \]

في المعادلة السابقة (وهي التعريف الكامل للقسمة الإقليدية نسبة إلى إقليدس Euclid) الرمز \(\lvert y \rvert \) يعني ’القيمة المطلقة‘ (absolute value) للعدد \(y\)، والقيمة المطلقة نهمل فيها الإشارة إذا كانت سالبة، فإذا كان \(y=-5\) فإن القيمة المطلقة له \(\lvert y \rvert = 5\).

يمكن تذكر القاعدة السابقة للقسمة لو تخيلنا أن العدد السالب هو من ’الديون‘ التي يجب سدادها بالكامل، ولذلك إذا قسمنا الديون على المدينين فلا يجب أن يتبقي شيء من الديون على الإطلاق. الباقي يجب أن يكون موجباً (ليس ديناً).

وعملية الضرب عند مزجها مع الجمع والطرح يظهر لها خاصية جديدة هي ’خاصية التوزيع‘ (distribution)، ومعناها أن العدد \(x\) إذا ضرب في مجموع عددين \(a\) و\(b\) فإن حاصل الضرب يساوي مجموع \(x\) مضروباً في \(a\) و\(x\) مضروباً في \(b\)، والعكس صحيح، أي أن مجموع حاصل ضرب \(x\) في \(a\) وحاصل ضرب \(x\) في \(b\) هو حاصل ضرب \(x\) في مجموع \(a\) و\(b\).

\[ \begin{equation} \label{eq:distribution} \large{\color{blue}{x \times (a+b) = x \times a + x \times b}} \end{equation} \]

وفيما يلي إثبات لكيفية التوصل إلى هذه الخاصية باستخدام ما أثبتناه حتى الآن.

\[ \begin{aligned} x \times (a+b) &=\overbrace{(a+b)+(a+b)+ \dotsb + (a+b)}^{x \text{ times}} \\ &=\overbrace{a+b+a+b+\dotsb +a+b}^{x \text{ times}} \\ &=\overbrace{a+a+ \dotsb +a}^{x \text{ times}} + \overbrace{b+b+ \dotsb +b}^{x \text{ times}} \\ &=x \times a + x \times b \end{aligned} \]

وهذه الخاصية تنطبق على أكثر من حد مجموعين على بعضهم البعض (أو مطروحين باعتبار أن الطرح هو جمع المعكوس الجمعي)، وذلك لأننا يمكن أن نستخدم خاصية التجميع لعملية الجمع لنقسم ما بداخل الأقواس إلى جزئين، ثم نطبق خاصية توزيع الضرب على الجمع على هذين الجزئين، ثم نفعل ذلك مجدداً مع ما تبقى من حدود وهكذا.

\[ \begin{aligned} x \times (a_1+a_2+a_3+ \dotsb +a_n) &= x \times [a_1+(a_2+a_3+ \dotsb + a_n)] \\ &=x \times a_1 + x \times (a_2+a_3+ \dotsb + a_n) \\ &=x \times a_1 + x \times [a_2+ (a_3+a_4+ \dotsb + a_n)] \\ &=x \times a_1 + x \times a_2 + x \times (a_3+a_4+ \dotsb + a_n) \\ \vdots \\ &=x \times a_1 + x \times a_2 + x \times a_3 + \dotsb + x \times a_n \end{aligned} \] \[ \begin{equation} \label{eq:distributionextended} \large{\color{blue}{x \times (a_1 \pm a_2 \pm \dotsb \pm a_n) = x \times a_1 \pm x \times a_2 \pm \dotsb \pm x \times a_n}} \end{equation} \]

ورمز \((\pm)\) في الرياضيات هو مزيج بين \((+)\) و \((-)\)، ويعني أن القيمة قد تكون موجبة أو سالبة على حد سواء، وعادة ما ينطق ’زائد أو ناقص‘ وهناك رمز آخر هو \((\mp)\) ويستخدم في المعادلات التي نريد فيها أن نوضح أن الإشارة الدالة على الاتجاه تنعكس، وينطق عادة ’ناقص أو زائد‘، فعلى سبيل المثال:

\[ -x \times (a \pm b) = -x \times a \mp x \times b \]

وكما أن الجمع له خاصية التجميع (associativity) كذلك الضرب، فإذا كان هناك عدد من الحدود مضروبة كلها في بعضها البعض، فإن ترتيب تقييم علميات الضرب لا يؤثر على النتيجة:

\[ \begin{aligned} x \times y \times z &=\overbrace{x \times y + x \times y + \dotsb + x \times y}^{z \text{ times}} \\ &=x \times \left( \overbrace{y+y+ \dotsb +y}^{z \text{ times}} \right) \quad \text{from } \eqref{eq:distributionextended}\\ &= x \times (y \times z) \quad \text{from } \eqref{eq:multiplication} \\ x \times y \times z &=x \times z \times y \quad \text{from } \eqref{eq:commutation} \\ &=\overbrace{x \times z + x \times z + \dotsb + x \times z}^{y \text{ times}} \quad \text{from } \eqref{eq:distributionextended}\\ &=z \times \left( \overbrace{x+x+ \dotsb +x}^{y \text{ times}} \right) \quad \text{from } \eqref{eq:multiplication} \\ &= z \times (x \times y) \quad \text{from } \eqref{eq:commutation} \\ &= (x \times y) \times z \end{aligned} \] \[ \begin{equation} \label{eq:association} \large{\color{blue}{x \times y \times z = (x \times y) \times z = x \times (y \times z)}} \end{equation} \]

أما القسمة ففي حال اعتبارها عملية حسابية قائمة بذاتها فإنها ليست تجميعية (كما هو الحال مع الطرح) لكننا سنعود للتعبير عن القسمة كعملية ضرب في مقال لاحق.

\[ x \div y \div z \neq x \div (y \div z) \]

لكن لأن الضرب والقسمة عمليات مركبة وليست بسيطة كالجمع والطرح، فإن الكلام عنها يطول، وربما أفرد مقالاً لاحقاً للأساليب التي تسهل عمليات الضرب والقسمة إلى حد ما. إلى الآن، ما تكلمنا عنه بخصوص الضرب والقسمة يتلخص في الآتي:

  • الضرب هو عملية جمع متكرر بنمط معين والقسمة هي عملية طرح متكرر بنمط معين.
  • ضرب أي رقم في الصفر ينتج عنه الصفر، ضرب أي رقم في الواحد الصحيح ينتج عنه نفس هذا الرقم. الواحد الصحيح هو العامل المحايد الضربي.
  • القسمة على الصفر غير معرفة في الرياضيات لأنها ليست ذات معنى.
  • إذا أمكن تقسيم عدد على آخر بدون باقٍ نقول أنه يقبل القسمة عليه. باقي القسمة في العرف الرياضي هو أصغر باقٍ موجب يقل عن القيمة المطلقة للمقسوم عليه.
  • ضرب أو قسمة عددين مختلفين في الإشارة ينتج عنه عدد سالب، وضرب أو قسمة عددين متفقين في الإشارة ينتج عنه عدد موجب.
  • الضرب تبادلي ولا يؤثر على ناتجه تبديل الحدود، بينما القسمة ليست كذلك.
  • الضرب تجميعي ولا يؤثر على ناتجه ترتيب حساب عمليات الضرب، بينما القسمة ليست كذلك.
  • الضرب يتوزع على الجمع والطرح، بمعنى أن حاصل ضرب العدد \(x\) في مجموع العددين \(y\) و\(z\) هو مجموع حاصل ضرب العدد \(x\) في \(y\) وحاصل ضرب العدد \(x\) في \(z\)، والعكس صحيح.
  • أولوية المعاملات الرياضية هي كالآتي: الأقواس أولاً (من الداخل إلى الخارج) ثم الرفع إلى أس (سيأتي الحديث عنه لاحقاً) ثم الجمع والقسمة (بترتيب كتابتهما) ثم الجمع والطرح (بترتيب كتابتهما).

وللحديث بقية...


نسب المصنفات


المقال التالي: القسمة والكسور


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق