بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 أغسطس 2016

الجمع والطرح

هذه التدوينة هي من سلسلة تدور حول الرياضيات. هذا الرابط يحتوي على قائمة بالتدوينات المتعلقة بهذا الموضوع.


المقال السابق: أسس الرياضيات


ناقشت في مقال سابق الأسس التي بني عليها علم الرياضيات، وأناقش في هذا المقال كمثال على ما ذكرته سابقاً كيف أن الجمع والطرح هما عدّ في الأساس.

الجمع ما هو إلا عدّ في الاتجاه الصاعد، والطرح عدّ في الاتجاه الهابط، وهذا بالضبط ما نعلمه للأطفال عندما نعلمهم الجمع والطرح، فنعلمهم العدّ أولاً، ثم نعلمهم الجمع لأنه في نفس اتجاه العد، ثم بعد أن يتعلموا الجمع نعلمهم الطرح لأنه في الاتجاه المعاكس لاتجاه الجمع، ولتفادي تشويش التفكير عند الأطفال نستخدم أشياء مادية تسهل لهم فكرة العد، مثل المكعبات أو اللعب أو ثمار الفاكهة، ولتعليمهم الجمع نجعلهم يعدون مجموعة ما من الأشياء، ولتكن مكعبات مثلاً، ومجموعة أخرى من المكعبات المماثلة، ثم نعلمهم أن الجمع هو أن نضيف هذه على تلك ونعد الكل معاً، وعندما يكبرون قليلاً يمكن أن نعلمهم أن يقوموا بعملية الجمع مستخدمين أصابع يديهم عن طريق عدّ العدد الأول المراد إضافته ثم الاستمرار في عدّ العدد الثاني من بعده، وهذا هو بالضبط الجمع.

الجمع هو استمرار للعد. إذا اردنا جمع عدد \(x\) وعدد آخر y فإننا نعد حتى x ثم نستمر في العد من بعدها \(y\) من المرات، فيكون المجموع هو ما وصلنا إليه من عد كل من \(x\) و\(y\) على التوالي. وإذا اردنا جمع \(z\) عليهما فإننا نستمر في العد من بعد \(x+y\) لعدد \(z\) من المرات، فيكون ما وصلنا إليه من عد هو مجموع \(x+y+z\). الجمع ما هو إلا عد في الاتجاه الصاعد.

أما الطرح فهو العد في الاتجاه المعاكس، ولكي نتجنب تشويش فكر الطفل فإننا نستخدم أشياء مادية لتعليم الطرح مثل تعليم الجمع، غير أننا نجعل الطفل يعد مجموعة ما من المكعبات (مثلاً) ثم يأخذ منها عدداً ما من المكعبات، فيكون الناتج هو عدد ما تبقى من المكعبات. يمكن في سن أكبر أن نعلمهم أن يقوموا بعملية الطرح باستخدام أصابع أيديهم، فلكي يطرحوا رقماً \(y\) من رقم آخر \(x\) فإنهم يعدون على أصابعهم حتى \(x\) ثم يعدون هبوطاً (عن طريق ضم الأصابع مثلاً) العدد \(y\) فيكون المتبقي هو القيمة \(x-y\).

وإذا فهمنا الطرح بهذه الطريقة فإننا نفهم لماذا أن \(x-(-y)=x+y\) لأننا في هذه الحالة نفهم علامة السالب (الطرح) على أنها تغيير في اتجاه العد، وعلى ذلك فإن \(-y\) تعني أن نعد \(y\) في الاتجاه الهابط، بينما \(-(-y)\) تعني أننا نعكس الاتجاه الهابط ونعود مرة أخرى إلى العد في الاتجاه الصاعد. ولأن هناك اتجاهين فقط لا ثالث لهما (الصاعد والهابط) فإن كل علامتين متتاليتين من السالب يلاشيان تأثير بعضهما البعض، ولهذا فإن \(x-(-(-(-y)))=x+y\). إدراك هذا المفهوم يجعلنا قادرين على أن نستخدم العد كمفهوم أساسي في الرياضيات لنعرف كم من علامات السالب المتوالية يوجد في المقدار الرياضي، فإذا كان عددها فردياً كان تأثيرها كلها كعلامة سالب واحدة، وإذا كان عددها زوجياً لم يكن لها تأثير على الإطلاق.

\[ \begin{equation} \label{eq:inverse} \large{\color{blue}{x=-(-x)}} \end{equation} \]

مفهوم الصفر كعدد مستقل هو مفهوم حديث نسبياً في علم الرياضيات مقارنة بالأرقام ونشأتها، لكنه موجود منذ مئات السنين. الصفر في الرياضيات هو رقم يعبر عن اللاشيء على الإطلاق، أو عن انعدام الوجود. إذا قلنا أن فلاناً معه صفر من الأقلام فإننا نعني أنه لا توجد معه أقلام على الإطلاق. ويجب ألا نخلط مفهوم الصفر مع مقولة مثل ”وجود فلان كعدمه“ فنفهم أن فلاناً موجود (ليس صفراً) وغير موجود (صفر) في ذات الوقت، وإنما تعني مقولة مثل هذه أن فائدة فلان صفر، أي أنه عديم الفائدة، وما قد يزيد من احتمال اللبس أننا قد نستخدم مقولة مثل السابقة لنعني أن فائدة فلان قليلة تقترب من الصفر، أما الصفر الرياضي فهو يعني انعدام الوجود تماماً، وأي شيء له وجود مهما كان صغيراً ليس صفراً. كلما زادت المفهاهيم الرياضية في التعقيد كلما صارت اللغة البشرية الطبيعية أقل قدرة على التعبير عنها بدقة، ولهذا نشأت مع الزمن لغة خاصة بالرياضيات.

نعود إلى العد...

حتى ابتكار الصفر في الرياضيات لم يكن من الممكن العد إلى أقل من الواحد الصحيح، لأن الأعداد في أصل مفهومها كما ذكرت في مقالي السابق أن يكون الشيء موجوداً، ولأننا لا يمكن أن نعد ما هو ليس بموجود في الطبيعة من حولنا، فإن الأعداد الصحيحة من 1 فما فوق سميت في الرياضيات ’مجموعة الأعداد الطبيعية‘ (natural numbers) ويرمز لها بالرمز \(\mathbb{N}\). أما بعد ظهور مفهوم الصفر كرقم مستقل، وبناء على مفهوم ’الديون‘ التي عرفها الإنسان منذ فجر التاريخ، فإن مفهوم الأرقام السالبة كان طبيعياً أن يظهر، والأرقام السالبة ما هي إلا عد في الاتجاه الهابط يتخطى الصفر ويستمر في هذا الاتجاه. ولهذا السبب فإننا نقول إن \(-3-7=-10\) لأن ما سبق يعني أن نعد إلى 3 في الاتجاه الهابط أسفل الصفر، ثم نعد إلى 7 من بعدها في نفس الاتجاه، فنكون قد وصلنا إلى 10 أسفل الصفر. أرى أن تعليم الأطفال الأرقام السالبة على أنها استكمال للعد في الاتجاه الهابط أسهل من تعليمهم أن العددين إذا اختلفت إشارتاهما نطرحهما من بعضهما البعض وتكون إشارة الناتج هي إشارة ما قيمته المطلقة أكبر، وإذا اتفقت إشارتاهما فإننا نجمعهما وتكون إشارة الناتج نفس الإشارة. تخيل الجمع والطرح، حتى مع الأعداد السالبة، كعد في الاتجاه الصاعد أو الهابط أسهل ذهنياً من استذكار قاعدة للجمع والطرح.

الأعداد الصحيحة في الرياضيات، سواء كانت موجبة أم سالبة أم الصفر، تسمى ’مجموعة الأعداد الصحيحة‘ (integers) ويرمز لها بالرمز \(\mathbb{Z}\)، كما يرمز للأعداد الصحيحة الموجبة (التي هي الأعداد الطبيعية) أحياناً بالرمز \(\mathbb{Z}^+\) وإلى الأعداد الصحيحة السالبة بالرمز \(\mathbb{Z}^-\)، وإذا أردنا إضافة الصفر إلى أي من هاتين المجموعتين يمكن أن نعبر عنها بالرمز \(\mathbb{Z}^+_0\) للأعداد الصحيحة الموجبة بالإضافة إلى الصفر، أو الرمز \(\mathbb{Z}^-_0\) للأعداد الصحيحة السالبة بالإضافة إلى الصفر.

وبناء على هذا المفهوم أيضاً نفهم لماذا أن الجمع عملية تبادلية وليس الطرح. خاصية التبادل (commutation) في الرياضيات يعني أننا يمكن في عملية رياضية معينة أن نبدل الحد الأول مكان الثاني ويبقى الناتج دون تغيير. الجمع هو استمرار للعد في نفس الاتجاه الصاعد، ولهذا لا يهم إذا وضعت هذا العدد قبل ذاك، ففي النهاية سيكون المجموع واحداً لأن الأعداد تعبر عن أشياء موجودة، أما في حالة الطرح، فإن اتجاه العد يختلف، وبالتالي فإن الناتج ’قد‘ يختلف بناء على اتجاه الخطوات المعدودة أولاً. إذا قمنا بالعد \(x\) صعوداً ثم \(y\) هبوطاً وكانت \(x\) أكبر من \(y\) فإننا سننتهي في الاتجاه الصاعد، أما إذا قمنا بالعد \(x\) هبوطاً أولاً ثم \(y\) صعوداً فإننا سننتهي في الاتجاه الهابط.

\[ \begin{equation} \label{eq:commutative} \large{\color{blue}{x+y=y+x}} \end{equation} \] \[ \large{\color{blue}{x-y \neq y-x}} \]

ولأن هناك اتجاهين فقط للعد فإننا نفهم لماذا أن \(x-y=-(y-x)\) إذ أن اتجاهي العد هما مثل الشيء وصورته في المرآة، ونتيجة العد في اتجاهين تعتمد في النهاية على عدد الخطوات المعدودة في كل اتجاه وعلى ترتيب اتجاه العد (صاعداً أولاً أم هابطاً أولاً) وليس هناك عوامل أخرى يمكن أن تحكمها، ولهذا فإن \(x-y\) تنتهي عند نقطة ما لها صورة \(y-x\) في المرآة تقابلها على الناحية الأخرى، وسطح المرآة في حالة العد هو الصفر، ولكي نقول أن هناك نقطة ما تقابلها في الجهة الأخرى (صورة المرآة) فإننا نستخدم الإشارة السالبة لكل المقدار \(y-x\) ونقول \(-(y-x)\). ولهذا علمونا في المدرسة أننا إذا أخذنا الإشارة السالبة خارج الأقواس فإن كل إشارات الجمع والطرح داخل الأقواس تنعكس. ترتيب خطوات العد صعوداً أو هبوطاً هو ’النمط‘ الذي نستخدمه للوصول إلى النتيجة النهائية، وإذا عكسنا هذا النمط فإننا ننتهي بنتيجة مماثلة لكن في الاتجاه المعاكس. ولأن الصفر هو سطح المرآة، فإنه لا يحمل علامة سالبة أو موجبة.

\[ \begin{equation} \label{eq:signreversal} \large{\color{blue}{x-y=-(y-x)}} \end{equation} \]

وفي وقت ما من تاريخ الرياضيات لم يكون هناك رمز متفق عليه للجمع أو الطرح، وكانت الرياضيات تكتب باللغة البشرية الطبيعية، ولكن تطور العلم حتم أن تكون هناك لغة خاصة بالرياضيات لا تقبل التأويل إلا على وجه واحد فقط، وأن تكون مختصرة لتسهيل الكتابة، وهكذا ظهرت تدريجياً اللغة الرياضية الحالية التي نستخدمها، واصطلح على الاتفاق على معنى الرموز، ونستخدم الآن الرمز \((+)\) للدلالة على العد في الاتجاه الصاعد والرمز \((-)\) للدلالة على العد في الاتجاه الهابط. وبدلاً من أن نكتب \(x+(-y)\) أو \(x+-y\) للدلالة على عد \(x\) في الاتجاه الصاعد و\(y\) في الاتجاه الهابط، فقد اصطلح على استبدال كل الإشارات المؤدية إلى تغير اتجاه العد إلى الهابط بإشارة واحدة فقط هي \((-)\)، ولهذا نكتب \(x-y\) بدلاً من \(x+(-y)\) وإن كان لها نفس المعنى. وفي حالة إهمال الإشارة تماماً (ولا يمكن إهمالها إذا كان ذلك يؤدي إلى خلط في الفهم) فإننا نعتبر أنها في الاتجاه الصاعد \((+)\)، وبالتالي فإن \(x+y\) هي في الأصل \(+x+y\).

\[ \begin{equation} \label{eq:diffassum} \large{\color{blue}{x-y=x+(-y)}} \end{equation} \]

وعند إدراكنا لهذا المفهوم نعرف لماذا أن الطرح عملية غير تبادلية، وذلك لأننا نفهم الطرح على أنها عملية مستقلة بذاتها، بينما في واقع الأمر هي جمع (وهو بالتالي عدّ) في الاتجاه الهابط، فإذا حافظنا على الإشارة الدالة على الاتجاه لصيقة بما بعدها فإننا يمكن أن نبدل الحدود مكان بعضها البعض بدون أدنى مشكلة، أي أن \(x-y\) هي في الأصل \(x+(-y)\) وبالتالي فإننا يمكن أن نبدل الحدول فنقول \(x-y = -y+x\)، ونلاحظ اننا حافظنا على الإشارة السالبة لصيقة بالحد \(y\) والإشارة الموجبة لصيقة بالحد \(x\)، وبينما كان من الممكن إهمال الإشارة الموجبة في قولنا \(x-y\) لا يمكن اهمالها في قولنا \(-y+x\). أما إذا فهمنا الطرح على أنه عملية مستقلة بذاتها فإننا نرتكب خطأ لو قلنا أن \(x-y\) هي نفسها \(y-x\)، لأننا في هذه الحالة استبدلنا \(+x-y\) بالقيمة \(+y-x\).

\[ \begin{equation} \label{eq:commutativesigned} \large{\color{blue}{x-y=-y+x}} \end{equation} \]

وعملية الجمع يقال عنها أيضاً في الرياضيات أنها تجميعية، و’خاصية التجميع‘ (associativity) في الرياضيات معناها أننا في حالة وجود أكثر من حدين بينهما نفس العملية الرياضية يمكن أن نجري العملية الرياضية بين أي حدين منهما أولاً (بترتيب كتابتهم) ونستخدم الناتج بدلاً من هذين الحدين مع ما تبقى من حدود، فمثلاً \(x+y+z\) تعني أننا نجمع الحدود الثلاثة \(x\) و\(y\) و\(z\)، فإذا قمنا بجمع \(x\) مع \(y\) أولاً وجمعنا الناتج على \(z\) فإننا نكون قد قمنا بالعملية الحسابية \((x+y)+z\)، أما إذا قمنا بجمع \(y\) مع \(z\) أولاً ثم جمعنا الناتج على \(x\) فإننا نكون قد قمنا بالعملية الحسابية \(x+(y+z)\)، وفي جميع الحالات فإن الناتج لا يتغير. هذا أيضاً راجع إلى أن الجمع عد في اتجاه واحد هو الصاعد، ولذلك فالنتيجة النهائية تعتمد فقط على العدد الإجمالي للخطوات المعدودة في هذا الاتجاه.

\[ \begin{equation} \label{eq:associative} \large{\color{blue}{x+y+z = (x+y)+z = x+(y+z)}} \end{equation} \]

وعملية الطرح ليست تجميعية إذا اعتبرناها عملية قائمة بذاتها، أما إذا اعتبرناها جمعاً وحافظنا على الإشارات الدالة على الاتجاه لصيقة بالحدود كما وضحنا سابقاً، فإنها يمكن أن تكون تجميعية.

\[ \large{\color{blue}{x-y-x \neq x-(y-z)}} \] \[ \begin{equation} \label{associativesigned} \left. \large{\color{blue}{ \begin{array}{l,l} x-y-z & = x+(-y)+(-z) \quad \color{black}{\text{from } \eqref{eq:diffassum}} \\ ~ & = x+[(-y)+(-z)] \quad \color{black}{\text{from } \eqref{eq:associative}} \\ ~ & = x+(-y-z) \quad \color{black}{\text{from } \eqref{eq:diffassum}} \\ ~ & = x-(y+z) \quad \color{black}{\text{from } \eqref{eq:signreversal}} \\ ~ & = [x+(-y)]+(-z) \quad \color{black}{\text{from } \eqref{eq:diffassum}} \\ ~ & = (x-y)-z \end{array} }} \right \} \end{equation} \]

لاحظ في المعادلات السابقة كيف اننا استخدمنا حقيقة توصلنا إليها من قبل في المعادلات \(\eqref{eq:signreversal}\) و\(\eqref{eq:diffassum}\) و\(\eqref{eq:associative}\) لإثبات حقيقة أخرى. هذا بالضبط كيف تطور علم الرياضيات. لاحظ أيضاً أننا عندما اضطررنا لاستخدام مجموعتين من الأقواس بجوار بعضهما البعض استخدمنا شكلاً مختلفاً من الأقواس لتسهيل قراءة القيمة الرياضية. الغرض من لغة الرياضيات أن تكون مقروءة بسهولة ولا تسبب لبساً في الفهم من أي نوع، وعلى الرغم من أن استخدام نفس الشكل من الأقواس ليس خطأ في الرياضيات إلا أنه غير مستحب . في الرياضيات يمكن أن نستخدم الأقواس \((\:)\) أو \([\:]\) أو \(\{\:\}\)، وعادة ما نستخدمها بهذا الترتيب، فنبدأ بالقوسين \((\:)\)، ثم إذا احتجنا إلى أقواس أخرى مجاورة نستخدم القوسين \([\:]\) ثم في النهاية نستخدم القوسين \(\{\:\}\) عند الحاجة، إلا أن هذا الترتيب ليس شرطاً على الإطلاق. يجب أيضاً أن أذكر في هذا السياق أن الأقواس يمكن أن يكون لها معنى خاص في بعض السياقات الرياضية، فمثلاً في الفترات الرياضية نستخدم \((\:)\) أو \([\:]\) فقط، وفي نظرية المجموعات نستخدم \(\{\:\}\) فقط.

وباستخدام جميع ما سبق يمكننا أن نبسط قيمة رياضية كما في المثال الآتي:

\[ 4x+y-3x-7-2y \\ = 4x\color{red}{-3x+y}-7-2y \quad \text{from } \eqref{eq:commutative} \\ = 4x-3x+y\color{red}{-2y-7} \quad \text{from } \eqref{eq:commutative} \\ = \color{red}{(}4x-3x\color{red}{)}+\color{red}{(}y-2y\color{red}{)}-7 \quad \text{from } \eqref{eq:associative} \\ = x+(-y)-7 = x\color{red}{-y}-7 \quad \text{from } \eqref{eq:diffassum} \]

وبتطبيق كل ما سبق نعرف كيف أننا تعلمنا أننا لو طلب منا القيام بعمليات عديدة من الجمع والطرح المتوالية فإنه من الأسهل علينا أن نجمع كل القيم الموجبة (المعدودة في الاتجاه الصاعد) ونجمع كل القيم السالبة (المجموعة في الاتجاه الهابط) ثم نطرح هذا من ذاك ويكون الناتج له علامة الأكبر في القيمة المطلقة. ذلك ممكن لأننا نعد القيم السالبة كلها مع بعضها في نفس اتجاهها الصحيح ونعد القيم الموجبة كلها مع بعضها في نفس اتجاهها الصحيح، أي اننا نتعامل مع الطرح كأنه جمع مع الحفاظ على الإشارة لصيقة بالحد التالي لها.

\[ \text{for } x_m, y_n \ge 0; \quad m, n \in \mathbb{N}\\ \color{blue}{x_1}+\color{blue}{x_2}-\color{green}{y_1}+\color{blue}{x_3}-\color{green}{y_2}+ \dotsb +\color{blue}{x_m}-\color{green}{y_3}- \dotsb -\color{green}{y_n} \\ = \color{blue}{x_1}+\color{blue}{x_2}+(\color{green}{-y_1})+\color{blue}{x_3}+(\color{green}{-y_2})+ \dotsb +\color{blue}{x_m}+(\color{green}{-y_3})+ \dotsb +(\color{green}{-y_n}) \\ = \color{blue}{x_1}+\color{blue}{x_2}+\color{blue}{x_3}+ \dotsb +\color{blue}{x_m} +(\color{green}{-y_1})+(\color{green}{-y_2})+(\color{green}{-y_3})+ \dotsb +(\color{green}{-y_n}) \\ = (\color{blue}{x_1}+\color{blue}{x_2}+\color{blue}{x_3}+ \dotsb +\color{blue}{x_m}) -(\color{green}{y_1}+\color{green}{y_2}+\color{green}{y_3}+ \dotsb +\color{green}{y_n}) \]

أما الصفر فإن جمعه على أي قيمة أو طرحه من أي قيمة لا يؤثر على الناتج، ويمكن أن نعتبر الصفر على أننا لا نعدّ شيئاً على الإطلاق، فقط نتوقف في النقطة التي وصلنا إليها في العد. الصفر لذلك في عملية الجمع يطلق عليه ’العامل المحايد الجمعي‘ (additive identity)، ولن تجد هناك عاملاً محايداً طرحياً لأن الطرح يمكن تحويله إلى جمع كما ذكرنا سابقاً.

وكل ما يضاف على قيمة ما لينتج العامل المحايد الجمعي (الصفر) يطلق عليه ’المعكوس الجمعي‘ (additive inverse)، ولأن الجمع هو عدّ في اتجاه من اثنين، فإن المعكوس الجمعي هو بالضرورة نفس القيمة مع تغيير إشارتها إلى العكس، فالمعكوس الجمعي للقيمة \(x\) هو \(-x\) والمعكوس الجمعي للقيمة \(-x\) هو \(x\)، وكل قيمة لها معكوس جمعي واحد فقط لا غير، وهذه العلاقة تسري في الاتجاهين، وهذا هو بالضبط ما تعبر عنه المعادلة \(\eqref{eq:inverse}\) أعلاه، فكل من \(x\) و\(-x\) معكوس جمعي للآخر.

الطرح إذاً هو جمع المعكوس الجمعي! هذا هو ما تعبر عنه المعادلة \(\eqref{eq:diffassum}\) أعلاه، إذ أن القيمة \(-y\) هي المعكوس الجمعي للقيمة \(y\).

فماذا لو كان هناك مجموع فارغ، أي أننا نجمع لا شيء على الإطلاق؟ بما أننا نجمع لا شيء، فمن البديهي أن هذا المجموع لن يؤثر على أي قيمة في عمليات الجمع، وبالتالي فإنه يساوي العامل المحايد الجمعي، أي أن ’المجموع الفارغ‘ (empty sum) يساوي الصفر. والمجموع الفارغ مختلف كفكرة رياضية عن مجموع الصفرين الذي هو أيضاً يساوي الصفر، لكن المجموع الفارغ معناه عملية جمع خالية من الحدود تماماً، والصفر عدد في حد ذاته، ولذلك فإن مجموع الصفرين ليس مجموعاً خالياً، حتى وإن كان يساوي المجموع الخالي في القيمة.

كل عمليات الجمع والطرح تتلخص في الآتي إذاً:

  • الجمع والطرح ما هما إلا عدّ في الاتجاه الصاعد أو الهابط على الترتيب.
  • الصفر هو العامل المحايد الجمعي الذي لا يؤثر على ناتج عملية الجمع أو عملية الطرح.
  • المعكوس الجمعي للقيمة \(x\) هو القيمة التي تجمع على \(x\) فينتج العامل المحايد الجمعي. لكل عدد معكوس جمعي واحد فقط، وهذه العلاقة تسري في الاتجاهين.
  • الطرح ما هو إلا جمع المعكوس الجمعي، ويمكن دائماً التعامل مع الطرح على هذا الأساس.
  • الجمع عملية تبادلية لا يؤثر فيها تبديل الحدود.
  • الجمع عملية تجميعية لا يؤثر فيها ترتيب حساب قيمة الحدود في حالة وجود أكثر من حدين في التعبير الرياضي.
  • المجموع الخالي هو عملية جمع خالية من الحدود تماماً، وقيمته تساوي العامل المحايد الجمعي (الصفر).

ونلاحظ من الشرح السابق في هذا المقال أننا لم نستخدم ما يزيد عما ذكر في المقال السابق عن أسس الرياضيات، ولكننا فيما بعد سنستخدم الحقائق التي وصلنا إليها في هذا المقال للوصول إلى المزيد من الحقائق الرياضية فقط باستخدام أسس الرياضيات.


نسب المصنفات


المقال التالي: الضرب والقسمة


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق