هذا المقال هو أحد مجموعة من المقالات عن بعض المفاهيم في المسيحية. ستجد في هذا الرابط قائمة بالمقالات المتاحة.
هذا المقال مجرد توضيح لمفهوم الاستشهاد في المسيحية لمن قد يختلط عليه الأمر. السبب الذي جعلني اكتب هذا المقال هو تكرر هذا المصطلح كثيراً في الآونة الأخيرة، وخلط المفاهيم الموجود عند الكثيرين، وذلك يؤدي إلى إخراج مصطلح الاستشهاد في المسيحية من معناه الأصلي ووضعه في سياق مختلف تماماً عن المقصود به.
هذا المقال موجه إلى المصريين من مسيحيين ومسلمين على حد سواء، والهدف منه التوعية. إن كان هناك مسيحياً يستخدم المصطلح في غير سياقه الصحيح أو يفهم المصطلح على غير معناه المقصود، فأرجو منه أن يفهم ويعيد النظر، وإن كان هناك مسلماً يتخوف من مصطلح الاستشهاد في المسيحية فهذا المقال للإيضاح وإزالة المخاوف.
ببساطة... الاستشهاد في المسيحية هو الموت على اسم المسيح ومن أجل التمسك بالإيمان المسيحي وهو لا يعني مطلقاً بأي شكل من الأشكال الدعوة إلى قتال مسلح من قبل المسيحيين، ولا يحمل في طياته بأي شكل من الأشكال الدعوة لحمل سلاح مادي من أي نوع.
وبكلمات أخرى، الاستشهاد في المسيحية لا يعني إعلان الحرب، وعندما يقول احدهم ”نحن مستعدون للدفاع عن هذا أو ذاك حتى الاستشهاد“ فإن قوله لا يعني أبداً القتال بأي شكل مادي. وعندما يقول أحد المسيحيين ”أنا مستعد للاستشهاد في سبيل هذا أو ذاك“ فإنه لا يقصد حمل السلاح في وجه أخيه الإنسان.
أي مسيحي يعرف القليل عن دينه يعلم أن السيد المسيح أنبأنا بالشقاء والاضطهاد والتعب والمشقة على الأرض، ولكنه أيضاً أنبأنا بالخلاص والفرح في الملكوت لمن يصبر إلى النهاية.
وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلأُمَمِ.......وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. (متى ١٠ : ١٨ و ٢١-٢٢)
حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيق وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي. وَحِينَئِذٍ يَعْثُرُ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا...... وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. (متى ٢٤ : ٩-١٠ و ١٣)
فَانْظُرُوا إِلَى نُفُوسِكُمْ. لأَنَّهُمْ سَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَتُجْلَدُونَ فِي مَجَامِعَ، وَتُوقَفُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ، مِنْ أَجْلِي، شَهَادَةً لَهُمْ........وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ. وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنَّ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. (مرقس ١٣ : ٩ و ١٢-١٣)
وَقَبْلَ هذَا كُلِّهِ يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، وَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَامِعٍ وَسُجُونٍ، وَتُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَوُلاَةٍ لأَجْلِ اسْمِي. فَيَؤُولُ ذلِكَ لَكُمْ شَهَادَةً...... وَسَوْفَ تُسَلَّمُونَ مِنَ الْوَالِدِينَ وَالإِخْوَةِ وَالأَقْرِبَاءِ وَالأَصْدِقَاءِ، وَيَقْتُلُونَ مِنْكُمْ. وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. (لوقا ٢١ : ١٢-١٣ و ١٦-١٧)
فالاستشهاد لفظاً في اللغة العربية هو ’طلب الشهادة‘، فإضافة الألف والسين والتاء على أصل الفعل تفيد صيغة الطلب. والاستشهاد في المسيحية هو أن يطلب المسيحي الشهادة لاسم المسيح في العالم ويجاهر بشهادته متحملاً كل ما يمكن أن يلاقي من صعاب في سبيل ذلك.
الشهيد في اللغة الإنجليزية هو Martyr (مارتير) وفي اللغة الفرنسية تكتب بنفس اللفظ والهجاء وفي الإسبانية Mártir (مارتير) وفي الإيطالية Martire (مارتيريه)، وفي جميع الأحوال هي مأخوذة من اللاتينية martyr (مارتير) بمعنى شاهد والأخيرة مأخوذة من اليونانية μάρτυρος (مارتيروس) وتعني شاهد أو μάρτυρια (مارتيريا) وهي الصيغة المؤنثة من الاسم μάρτυριον (مارتيريون) بمعنى شهادة (كالشهادة أمام القاضي) من أصل الفعل μάρτυρι (مارتيري) بمعنى يشهد.
جاء السيد المسيح فلم يعد المؤمنين به بالنعيم الدنيوي ولكن قال:
لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا. فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ. (متى ١٠ : ٣٤-٣٦)
و لكي تفهم الآيات الأخيرة بشكل صحيح يجب الرجوع للآيات المذكورة قبلها لتعرف معنى ’ألقي سيفاً‘. السيف هو سيف ضد المسيحي وليس سيف في يد المسيحي. السيد المسيح يردف أن أعداء الإنسان سيكونون ’أهل بيته‘، وفي الآيات المذكورة قبلها يقول ’سوف تسلمون من الوالدين والإخوة والأقرباء والأصدقاء‘. فالأهل قد يضطهدون من يؤمن بالمسيح عن حق ويتبع وصاياه عن حق، فيصير اضطهادهم هذا سيفاً مشهوراً في وجه المسيحي. وفي إنجيل لوقا نجد لفظاً أكثر وضوحاً يحدد المعنى:
أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ؟ كَّلاَّ، أَقُولُ لَكُمْ: بَلِ انْقِسَامًا. لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ، وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الابْنِ، وَالابْنُ عَلَى الأَبِ، وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ، وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ، وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا، وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا. (لوقا ١٢ : ٥١-٥٣)
فلماذا لا نفسر الآية على أنها دعوة للمسيحي أن يقاتل بالسيف من أجل المسيحية؟ عندما أتى الجنود ليقبضوا على السيد المسيح لمحاكمته أمام مجمع اليهود، حدث أن ضرب بطرس أذن عبد رئيس الكهنة، وكان اسمه ’مَلْخُس‘، بالسيف فقطعها. في ذلك الوقت، لو كان السيد المسيح يريد حرباً مادية بالسيف لشجع تلاميذه على الذود عنه والقتال بالسيف، ولم يكن في حياة السيد المسيح كما نعرفها وقت هو أحوج فيه للدفاع عن نفسه بالسيف من ذلك الوقت، ولكنه قال لتلميذه أن يرد سيفه إلى غمده وشفى أذن عبد رئيس الكهنة المقطوعة. هذه القصة ذكرت في الأناجيل الأربعة بحسب كل من متى ومرقس ولوقا ويوحنا.
إِذَا وَاحِدٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَ يَسُوعَ مَدَّ يَدَهُ وَاسْتَلَّ سَيْفَهُ وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَقَطَعَ أُذْنَهُ. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ! أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟ (متى ٢٦ : ٥١-٥٣)
فَاسْتَلَّ وَاحِدٌ مِنَ الْحَاضِرِينَ السَّيْفَ، وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ. (مرقس ١٤ : ٤٧)
فَلَمَّا رَأَى الَّذِينَ حَوْلَهُ مَايَكُونُ، قَالُوا:«يَارَبُّ، أَنَضْرِبُ بِالسَّيْفِ؟» وَضَرَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى. فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ:«دَعُوا إِلَى هذَا!» وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا. (لوقا ٢٢ : ٤٩-٥١)
ثُمَّ إِنَّ سِمْعَانَ بُطْرُسَ كَانَ مَعَهُ سَيْفٌ، فَاسْتَلَّهُ وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى. وَكَانَ اسْمُ الْعَبْدِ مَلْخُسَ. فَقَالَ يَسُوعُ لِبُطْرُسَ:«اجْعَلْ سَيْفَكَ فِي الْغِمْدِ! الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَلاَ أَشْرَبُهَا؟». (يوحنا ١٨ : ١٠-١١)
فكيف إذاً نفسر قول السيد المسيح لتلاميذه:
{فَقَالَ لَهُمْ: ”لكِنِ الآنَ، مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضًا هذَا الْمَكْتُوبُ: ’وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ‘. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ“. فَقَالُوا: ”يَارَبُّ، هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ“. فَقَالَ لَهُمْ: ”يَكْفِي!“. (لوقا ٢٢ : ٣٦-٣٨)
من يقرأ للفهم سيدرك أن هذا قد حدث قليلاً جداً قبل القبض على السيد المسيح حين رفض أن يضرب تلاميذه بالسيف. بعد أحد عشرة آية في نفس الإصحاح نجد السيد المسيح يرفض الضرب بالسيف. فهل يستقيم هذا مع ذاك؟ الواقع أن السيد المسيح لم يكن يقصد السيف المادي كسلاح للقتال، ولكنه كان يقصد السيف الروحي وهو كلمة الله، وحين فهمه التلاميذ خطأ قال ”يكفي“ أي ’يكفي كلاماً إذ انكم لا تفهمون‘ و ليس ’يكفي سيفان للقتال‘. فما دليلي على ذلك؟ الدليل هو ما ذكره بولس الرسول في رسالته إلى أهل أفسس ورسالته إلى العبرانيين.
مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا. فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ. (أفسس ٦ : ١٣-١٧)
لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. (عبرانيين ٤ : ١٢)
وهذا المفهوم للاستشهاد في المسيحية هو ما كان مفهوماً أيضاً في العصور الأولى للمسيحية. لم نسمع في التاريخ عن حروب قامت بين المسيحيين وبين من يضطهدونهم، بينما سمعنا عن الآلاف من الشهداء على اسم المسيح في ذلك الزمان. التاريخ القبطي تحديداً مليء بمثل هؤلاء الشهداء، ويقدر عددهم في التاريخ القبطي بثمانمئة ألفاً، ومنهم الأسماء المشهورة مثل الشهيد مار مينا والشهيدة دميانة، ومنهم من الأطفال أيضاً مثل الشهيد أبانوب.
ويذكر المؤرخون المسيحيون سيرة هؤلاء الشهداء، ومن هؤلاء المؤرخين العلامة ترتليانوس ويوسابيوس القيصري، ولو كان مفهوم الشهادة في العصور الأولى للمسيحية يختلف عما أذكره هنا لما كان هؤلاء المؤرخين ذكروا هذه المذابح بمثل هذا الفخر، ولكنا سمعنا في التاريخ عن دعوات متكررة للقتال من أجل المسيحية وحماية المسيحيين المضطهدين. ومن أقصى عصور الاضطهاد التي عانى منها الأقباط هو عصر الوالي ’دقلديانوس‘ في القرن الثالث الميلادي، وهو أكثر وقت قدمت فيه الكنيسة شهداء للسماء.
وفي العصر الحديث قتل العديدون على اسم المسيح لمجرد أنهم يتبعون المسيح ويؤمنون به، ولم نسمع في معظم هذه الأحداث عن أحد من المسيحيين حاول أن ينتقم لقتل المسيحيين ظلماً، وإنما سمعنا عن تظاهرات سلمية من أجل استرداد حق الأقباط في الدولة المعاصرة. حرقت كنائس وهدمت كنائس وقتل من الأقباط ما قتل ولم نر من حمل السلاح ضد القتلة، خلافاً لما يدعي الكثيرون من تخزين أسلحة (و أحياناً ’أسود‘) في الكنائس والأديرة. في ظل الغياب الأمني الموجود حالياً لم نر هذه الأسلحة المزعومة تخرج للعلن وتستخدم في خدمة مصالح الأقباط.
يا سادة... الاستشهاد في المسيحية لا يعني القتال، وإنما يعني قبول القتل والتضحية بالحياة شهادة لاسم المسيح وللإيمان المسيحي. فلا تقلقوا من المسيحيين ممن على استعداد للشهادة بمفهومها المسيحي، فهم لن يرفعوا السلاح أبداً في وجه إنسان. اقتلوهم إن أردتم، فأنتم بذلك تسدون لهم خدمة العمر وتفتحون لهم باب الملكوت الذي يتعب الكثيرون من أجله ولا يصلون.
ويا إخوتي المسلمين... لا تظنوا أن الأقباط سيرفعون في وجهكم السلاح ليقتلوكم. ليست هذه الكنيسة القبطية ولن تكون. ومن أفهمكم ذلك خدعكم أو أراد أن يفتنكم ليضلكم فاحذروه.
ويا إخوتي المسيحيين... إن كان عند أحدكم مفهوماً آخر للاستشهاد في المسيحية، فأرجو منه أن يصححه. لم يوصنا السيد المسيح بالقتال أبداً، وإن كنت تظن أنك تدافع عن المسيحية برفعك السلاح في وجه أخيك الإنسان، فاعلم أنك قليل الإيمان وخاطئ، فالله الذي وعدك بالدفاع عن الكنيسة هو القادر على حماية الكنيسة ولا يحتاج إليك للدفاع عنها.
ويا إخوتي المصريين من مسلمين و مسيحيين... كونوا على استعداد للشهادة والتضحية بأموالكم وأرواحكم من أجل مصر، فمصر هي الوطن الذي يجمعنا جميعاً تحت سماء واحدة وفوق أرض واحدة، والتضحية من أجل مصر تشهد لكم بحبكم لوطنكم، وكل من ضحى من أجلها شهيد في نظري، وأظنه شهيداً في نظر الوطن. فكل من من أجل مصر مات شهيد وكل من من أجلها فقد عيناً أو عينين شهيد وكل من من أجلها أصابته عاهة مستديمة شهيد وكل من قدم من أجلها ابناً أو ابنة شهيد، وكلهم تشهد لهم تضحياتهم بحبهم لمصر.
أما ما عند الله، فالله أدرى به منا. لكل ما اعتقد و لله الحكم والأمر ولنا جميعاً مصر واحدة ليس لها بديل.
عاشت مصر للمصريين وعاش أبناؤها بدماء وتضحيات شهدائها.
نسب المصنفات
يستحق القراءة بواسطة رفيق ميخائيل مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف - غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق