الرعاية الصحية من أهم مقومات الدولة الحديثة، ومن أعمدة التقدم والحضارة في كل زمان ومكان، غير أن الرعاية الصحية في مصر ظلت مهملة — مثلها مثل العديد من المجالات — لعدة عقود، ونتج عن ذلك سلسلة من المشكلات التي تصب في بعضها البعض مما ينتج عنه المزيد من التدهور في الرعاية الصحية في حلقة مفرغة صار من الصعب جداً كسرها بدون تضافر مجهودات العديدين من مسؤولي الدولة في عدة مجالات، والأطباء، وكل من يعمل فيما يختص بالمجال الطبي من صيادلة وأطباء علاج طبيعي وأطباء أسنان وتمريض وموظفين في المجال الإداري والتأمين الصحي والخدمة الإجتماعية، بل وإعادة تشكيل للوعي المجتمعي فيما يختص بالمفاهيم الأساسية للرعاية الصحة وتحجيم فكر ”نظرية المؤامرة“ المسيطر على فكر المواطن المصري، وهذا بالطبع لن يمكن تنفيذه في سنوات قليلة حتى إن بدأت خطة الإصلاح اليوم، ولكن إن لم تبدأ خطة الإصلاح في أسرع وقت ممكن فإن كل يوم يمر يزيد من صعوبة إمكانية الإصلاح.
وأكتب هذا المقال في محاولة مني لتوضيح بعض العوامل التي تساهم في فساد منظومة الرعاية الصحية في مصر، وجدير بالذكر أن منظومة الرعاية الصحية هي منظومة في غاية التعقيد ولذلك فإن الكلام يطول في هذا المجال، ولا أظن أنني ألم بكل هذه العوامل، ولا أظن انني أستطيع أن ألم بها كلها، ولا أملك الحل للمشكلة، وإنما كل ما يمكنني فعله هو عرض رأيي وطرح المشكلة للنقاش.