بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 أبريل 2017

الإسلام يؤذينا: الهوية الإسلامية


المقال السابق: من يمثل الإسلام


الهوية (identity) هي شعور فردي شخصي للإنسان يعبر عن صفاته الجوهرية المميزة له، وهوية الفرد تميزه عن غيره باختلاف بعض صفاته الجوهرية عن صفات الآخرين، كما تجمعه مع غيره بتشابه بعض تلك الصفات مع صفات الآخرين، ولا يوجد إنسان يمكن أن يقال عنه بلا هوية. والكلمة الإنجليزية (وفي اللغات الغربية بوجه عام) مشتقة من اللاتينية المتأخرة identitās التي هي بدورها مشتقة من اللاتينية idem بمعنى ’الشيء نفسه‘ كما في قولنا ”خلف جمال عبد الناصر في رئاسة الجمهورية محمد أنور السادات، وهو نفسه رئيس الجمهورية وقت حرب ١٩٧٣“، والكلمة العربية بهذا المعنى مستحدثة وهي من النسب إلى الضمير ’هُوَ‘، ونطقها لذلك ’هُوِيَّة‘ بضم الهاء وليس بفتحها، أما كلمة ’هُوية‘ بضم الهاء في أصل اللغة فهي تصغير ’هُوَّة‘ وتعني ’البئر‘، وكلمة ’هَوِيَّة‘ بفتح الهاء صيغة مبالغة على وزن ’فعيلة‘ من فعل ’هَوَى‘، وهي المرأة التي تهوى أي تعشق.

والهوية الفردية (individual identity) هي خاصية مميزة للفرد الواحد، والصفات العامة التي تغلب على فئة ما من البشر ليست بالضرورة موجودة في كل من ينسب نفسه إلى هذه الفئة شاعراً أن هويته تجمعه بهم، فعلى سبيل المثال نعرف أن كروموسوم واي (Y-chromosome) يوجد في الذكور، وهو المحدد للجنس من الناحية الجينية، وعدم وجود هذا الكروموسوم يؤدي إلى تكوين أعضاء تناسلية أنثوية، بينما يؤدي وجوده إلى تكوين أعضاء تناسلية ذكرية، وليست الهوية الجنسية (gender identity) مشروطة بهذا الكروموسوم شرطاً قاطعاً، وبغض النظر عن الأسباب فإننا نرى في الواقع المعاش أن هناك من يحملون كروموسوم واي ويختارون لأنفسهم هوية جنسية أنثوية وهناك من لا يحملونه ويختارون لأنفسهم هوية جنسية ذكرية. الهوية اختيار، أو على الأقل ليست شيئاً يولد به الإنسان مثل لون الجلد أو عدد الأطراف، والهوية يمكن أن تتغير، بل أزعم أنها تتغير دائماً مع الوقت، وهوية الإنسان لا تتحدد عند ولادته، بل تتكون وتتطور تدريجياً، والهوية التي ينهي بها الشيخ الطاعن في السن حياته ليست هي نفس الهوية التي بدأ بها حياته في شبابه.

والهوية الفردية لكل إنسان لها أوجه كثيرة بعضها يمكن تصنيفها تحت مسميات مثل الهوية القومية أو الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية، وبعضها لا نصنفها مثل الفريق الرياضي المفضل أو المطرف أو الفنان المفضل أو الانتماء لعائلة ما أو مدرسة ما أو مجموعة معينة من الأصدقاء، وإجمالي كل هذه الأوجه يشكل الهوية الفردية لكل إنسان، وليست كل أوجه الهوية الفردية على ذات القدر من الأهمية لكل فرد، وهذا يظهر جلياً في المثل الشعبي المصري القائل ”أنا وأخويا على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب“، وأحياناً يوضع الإنسان في موقف يتعارض فيه وجهان أو أكثر من أوجه هويته، فيكون عليه أن يختار بينها أو أن يضعها في أولويات مختلفة.

والقاعدة هنا أن تلك الدرجات من الأهمية أو الأولويات تختلف من فرد لآخر، لكن الغالبية العظمى من البشر يتبعون أنماطاً محددة، ويمكن في العموم التنبؤ بالأولويات التي سيختارونها في حال حدوث تعارض بين اثنين أو أكثر من أوجه الهوية. وأرى أن بعض أوجه الهوية يكاد يكون من المستحيل إيجاد تعارض بينها، فهل يمكن مثلاً إيجاد تعارض بين الهوية الذكرية لرجل وبين هويته القومية؟! أو بين الهوية الدينية لإنسان وبين هويته الوطنية؟! أو بين الهوية الثقافية لإنسان وبين انتمائه لنادٍ رياضي معين؟! أو بين هوية امرأة عجوز من جهة انتمائها لكبار السن وبين هويتها من جهة انتمائها لعائلتها؟! بعض الأوجه لا يوجد مجال معقول للتعارض بينها، ومن ثم فإن حدوث تعارض يجعل العقل في حيرة من أمره يتساءل عما أدى إلى حدوث غير المعقول.

الهوية أولاً وأخيراً هي فكرة، وهي اختيار شخصي إلى حد ما، وهي متغيرة وتتطور مع الزمن والظروف، فما الذي يمكن أن يشكل بالنسبة للإنسان هجوماً على هويته؟ هل انتقاد مستوى الأداء لفريق رياضي يعد هجوماً على هوية مشجعيه؟ هل انتقاد عمل فني يعد هجوماً على هوية الفنان أو الفنانين الذين صنعوه أو شاركوا فيه؟ هل تصحيح إجابة خاطئة في امتحان ما يعد هجوماً على هوية الطالب الذي أجابها؟ هل عدم تفضيل شخص ما لنوع معين من الطعام يعد هجوماً على هوية من يعشق هذا الطعام؟ أظن أن الغالبية الساحقة من البشر—إن لم يكن كل البشر على الإطلاق—ستكون اجابتهم ’لا‘. لكن يمكن أن نعتبر ’اتهام‘ شخص ما بعدم انتمائه لناديه الرياضي المفضل هجوماً على هويته، وكذلك يمكن اعتبار ’اتهام‘ فنان ما بأنه أبعد ما يكون عن الفن، أو ’اتهام‘ طالب ما بالغباء أو ’اتهام‘ شخص ما بأنه فاقد القدرة على التذوق لأنه يحب طعاماً معيناً. كل هذه السابقة موجهة للشخص ذاته تحديداً، وليس لأي فكرة ولا كيان ولا شيء ولا شخص آخر. الشخص الطبيعي يدرك الفرق بين الهجوم عليه هو ذاته (ويمكن أن نعتبر هويته جزءًا من ذاته) وبين انتقاد شيء آخر يختلف عنه في الجوهر.

المتدين الشرقي—والمسلم على وجه الخصوص—يعتبر انتقاد دينه إهانة شخصية موجهة له! الأمثلة على ذلك لا حصر لها، وقد أحاول في المستقبل تجميع أكبر عدد منها قدر الإمكان في تدوينة منفصلة، لكن أظن أن الأذهان ما زالت تستحضر مشهد الأطفال الأقباط الذين سجلوا مقطعاً للسخرية من داعش فقُبِض عليهم بتهمة ازدراء الأديان، هذه التهمة التي لم نسمع قط عن توجيهها إلى أحد أساء إلى دين آخر غير الإسلام. أنا شخصياً والكثيرون ممن أعرفهم بشكل مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي تعرضنا للسباب والإهانات بسبب انتقادنا للإسلام بمنتهى الأدب والموضوعية! من ينكر أن أغلبية المسلمين لا يغضبون بشدة (وليتهم جميعاً يكتفون بالغضب كرد فعل) عند توجيه النقد للإسلام هو في رأيي إما يعيش في مجتمع مخالف تماماً لما أتكلم عنه وعشت فيه، أو هو يعيش في حالة من الإنكار تجعله لا يرى الواقع الذي لا يحتاج لإيضاح.

وهل يوجد إيضاح أكثر من العقوبة الشرعية لشاتم الرسول؟! شاتم الرسول يقتل بإجماع الأئمة، وقد خصص الأخ رشيد حلقة كاملة لهذا الشأن أوضح فيها مفهوم ’شتيمة‘ الرسول، والذي يشمل كل شيء وأي شيء غير تمجيد الرسول أو الصمت التام. وهو يوجد إيضاح أكثر من موقف العالم الإسلامي من الرسوم الكارتونية التي اعتبروها ’مسيئة‘ للرسول؟! قامت الدنيا ولم تقعد وخرجت المظاهرات والمطالبات بالمقاطعة الإقتصادية وحتى السياسية، ثم تطور الأمر إلى تنفيذ عمليات إرهابية ضد من جرؤوا على ’الإساءة‘ إلى الرسول. وهل يوجد إيضاح أكثر من اهتمام المسلمين بتبرئة الإسلام من تهمة الإرهاب بعد كل حادث إرهابي أكثر من اهتمامهم بضحايا الحادث؟!

الإسلام بالنسبة للمسلم ليس مجرد هوية يختارها. الإسلام ليس مجرد انتماء إلى دين أو فكرة. الإسلام يحل محل هوية المسلم فيصير أي انتقاد للإسلام هجوماً مباشراً على شخص المسلم الذي يتوحد مع الإسلام بشكل تام في مشهد عجيب يكاد لا يُرَى إلا في المسلمين. هذا التوحد لا يأتي من المسلمين أنفسهم، فهم بشر على كل حال وليس في تركيبهم شيء يختلف عن بقية البشر، لكنه يأتي من الإسلام الذي نقرأ فيه

”وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ. لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ“ (التوبة ٦٥ و ٦٦)

والتي يستند إليها ابن تيمية في كتابه ’الصارم المسلول على شاتم الرسول‘ لتكفير كل من سب الرسول كما جاء في هذه الفتوى، كما يستند إلى

  • الحديث ٤٣٦١ في ’سنن أبي داود‘ في كتاب الحدود–باب الحكم فيمن سب النبي
  • الحديث ٤٠٧٠ في ’سنن النسائي‘ كتاب تحريم الدم–الحكم فيمن سب النبي

وهما حديثان عن رجل أعمى قتل امرأته لأنها كانت تسب النبي فأهدر النبي دمها. ليس هذا فحسب، بل نجد في الحديث روايات أخرى تحل دم من يؤذي الله ورسوله وإن كان بالكلام فقط كرواية ’كعب بن الأشرف‘ التي نقرأها في

  • الحديث ٣٨١١ في ’صحيح البخاري‘ كتاب المغازي–باب قتل كعب بن الأشرف
  • الحديث ١٨٠١ في ’صحيح مسلم‘ كتاب الجهاد والسير–باب قتل كعب بن الأشرف
  • الحديث ٣٠٠٠ في ’سنن أبي داود‘ كتاب الخراج والإمارة والفيء–باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة.

وهذه الروايات الصحيحة، بالإضافة إلى ما ضُعِّف إسناده مثل رواية قتل عصماء بنت مروان. والارتداد عن الإسلام جريمة عقوبتها القتل عند جمهور العلماء، استناداً إلى الحديث الصحيح

”لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة“
  • الحديث ١٦٧٦ في ’صحيح مسلم‘ كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات–باب ما يباح به دم المسلم
  • الحديث ٤٣٥٢ في ’سنن أبي داود‘ كتاب الحدود–باب الحكم فيمن ارتد
  • الحديث ٣٦١٤ في ’مسند أحمد‘ مسند المكثرين من الصحابة–مسند عبد الله بن مسعود
  • الحديث ١٤٠٢ في ’سنن الترمذي‘ كتاب الديات–باب ما جاء لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث
  • الحديث ٢٥٣٤ في ’سنن ابن ماجة‘ كتاب الحدود–باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا في ثلاث
  • الحديث ٢٢٩٧ والحديث ٢٢٩٨ في ’سنن الدارمي‘ كتاب الحدود–باب ما يحل به دم المسلم
  • الحديث ٢٤٤٧ في ’سنن الدارمي‘ كتاب السير–باب لا يحل دم رجل يشهد أن لا إله إلا الله

وكذلك استناداً إلى حديث

”من بدل دينه فاقتلوه“
  • الحديث ٢٨٥٤ في ’صحيح البخاري‘ كتاب الجهاد والسير–باب لا يعذب بعذاب الله
  • الحديث ٦٥٢٤ في ’صحيح البخاري‘ كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم–باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم
  • الحديث ٦٩٣٤ في ’صحيح البخاري‘ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة–باب قول الله تعالى وأمرهم شورى بينهم
  • الحديث ١٨٧٤ في ’مسند أحمد‘ من مسند بني هاشم–مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب
  • الحديث ٢١٥١٠ في ’مسند أحمد‘ مسند الأنصار–حديث معاذ بن جبل
  • الحديث ٤٣٥١ في ’سنن أبي داود‘ كتاب الحدود–باب الحكم فيمن ارتد
  • الحديث ١٤٥٨ في ’سنن الترمذي‘ كتاب الحدود–باب ما جاء في المرتد
  • الحديث ٢٥٣٥ في ’سنن ابن ماجة‘ كتاب الحدود–باب المرتد عن دينه
  • الحديث ٤٠٥٩ في ’سنن النسائي‘ كتاب تحريم الدم–الحكم في المرتد

هذه الأفكار تُغرَس في عقل المسلم منذ صغره، كما يُغرَس في عقله عقيدة الولاء والبراء، فكل من يدين بالإسلام هو صديق وأخ وكل من لا يدين به فالمسلم بريء منه بعيد عنه، وهي مرتبطة بفكرة ’الحب في الله‘ و’البغض في الله‘، وفكرة أن لله أعداءً يجب على المسلم أن يقاتلهم

”مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ“ (البقرة ٩٨)
”وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ“ (الأنفال ٦٠)
”وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ“ (التوبة ١١٤)
”أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ“ (طه ٣٩)
”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ“ (الممتحنة ١)
”الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا“ (النساء ٧٦)
”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ“ (التوبة ٢٨ و ٢٩)
”وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ“ (التوبة ٣٦)
”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ“ (التوبة ١٢٣)
”مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ“ (البقرة ١٠٥)
”فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ“ (التوبة ٥)
”إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ“ (البينة ٦)
”يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ“ (التوبة ٧٣ والتحريم ٩)
”وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ“ (البقرة ١٢٠)

وعندما يكون المشركون في الإسلام نجس، ويكون أهل الكتاب من الذي كفروا (أي الذي لم يؤمنوا بمحمد) هم شر البرية، ويكون المسلم مأمور بقتال هؤلاء والتبرؤ منهم والغلظة عليهم، ويكون الحكم في الدنيا هو حكم الإسلام فقط وإلا صار الحاكم كافراً (مع ملاحظة أن المائدة ٤٧ تذكر الإنجيل تحديداً، ويُفهَم أن ما لم يُذكَر في القرآن فمرجعه إلى الإنجيل) وهو مبدأ الحاكمية الذي يستند إلى عدة آيات قرآنية، فإنه من الطبيعي أن نرى أغلب المسلمين يتوحدون مع دينهم، ومن غير المفاجئ أن يغضب المسلم غضباً شديداً عندما ينتقد أحدهم دينه، لأن هذا المنتقد هو المشرك النجس شر الخليقة عدو الله الذي يجب قتاله وإخضاعه لحكم الإسلام حتى يكون الدين لله، لأن الدين عند الله الإسلام.

”وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ“ (المائدة ٤٤)
”وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ“ (المائدة ٤٥)
”وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ“ (المائدة ٤٧)
” إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ“ (الأنعام ٥٧ ويوسف ٤٠ و ٦٧)
”وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ“ (الشورى ١٠)
”وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ... أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ“ (المائدة ٤٩ و ٥٠)
”وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ“ (البقرة ١٩٣)
”وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ“ (الأنفال ٣٩)
”إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ“ (آل عمران ١٩)
”وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ“ (آل عمران ٨٥)

عدم قبول المسلم للآخر هو جزء من توحده مع هويته الدينية الإسلامية، ومحاولة الآخر للحصول على المساواة بالمسلم في قوانين الدولة وفي الحقوق والواجبات المدنية يعتبرها الكثير من المسلمين عدواناً على هويتهم الدينية، لأن ’حكم الله‘ لا يساوي بين المسلم وغير المسلم، ولذلك قد رأينا مظاهرات حاشدة في مصر للتأكيد على هوية الدولة الإسلامية بمجرد التلميح باعتراض الأقباط على المادة الثانية من دستور مصر. الواقع أن حصول غير المسلم على حقوق مدنية مساوية تماماً للمسلم لا يؤثر على هوية المسلم الدينية ولا يمنع المسلم من الإيمان بدينه والدعوة إليه وممارسة شعائره، بالضبط كما لا يؤثر وجود مشجعين لنادي الزمالك على حق مشجعي النادي الأهلي في الانتماء لفريقهم وتشجيعه. فهل سيأتي يوم نرى فيه خلاف ما نراه في الحاضر فيصير أغلب المسلمين متقبلين لنقد دينهم؟ لا أعلم ما يخبئه المستقبل، لكنني لست متفائلاً، فكل ما سبق لا يدعوني إلى التفاؤل، وطالما هناك من يؤمن بمبدأ الحاكمية فسأظل متشائماً، لأن هذا المبدأ كان السبب في الكثير من مشاكل العالم في التاريخ الحديث. ولكن هذا حديث آخر لوقت آخر.

وللحديث بقية...


نسب المصنفات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق