بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 13 أكتوبر 2016

نظرية المجموعات: مقدمة

منذ حوالي 100 عام، أسس جورج كانتور (Georg Cantor) نظرية المجموعات (Set theory) ومنذ ذلك الحين فإن العديد من فروع الرياضيات استخدمت نظرية المجموعات لتطوير علم الرياضيات وإضافة مفاهيم جديدة، وكانت صياغة كانتور لمفهوم المجموعة الرياضية قاصرة بعض الشيء، وعلى الرغم من ذلك فإن مفهوم نظرية المجموعات كما صاغها ما زال صالحاً للاستخدام في أغلب الأحوال، ويختلف المفهوم الحديث للمجموعة الرياضية عن مفهوم كانتور بأنه وضع تعريفاً دقيقاً جداً للمجموعة في صورة عدد من المسلمات لتجنب قصور التعريف الأصلي، ولا يتعارض التعريف الحديث مع تعريف كانتور ولكنه يحدده بوضوح لتجنب حدوث متناقضات مثل مفارقة راسل (Russel's paradox)، لكنني سأقصر الحديث في هذا المقال على المفهوم الأصلي البسيط للمجموعة الرياضية لسهولته وصلاحيته لمعظم الاستخدامات الرياضية العادية، وهذا المفهوم يسمى نظرية المجموعات الكانتورية (Cantorian set theory) أو نظرية المجموعات البسيطة (Naive set theory) في مقابل المفهوم الأحدث والأكثر صرامة المسمى نظرية المجموعات المسلمية (Axiomatic set theory) والتي يوجد منها عدة أنواع، ولكي نفهم لغة الرياضيات المستخدمة في هذا السياق نستعرض أولاً كيفية التعبير عن شيء من المنطق في الرياضيات.

التعبير عن المنطق في الرياضيات

في المنطق التقليدي (Classical logic) فإن أي صفة (Predicate) أو خبر (Statement) أو افتراض (Proposition) يكون إما صادقاً (True) أو كاذباً (False) والحالة التي يكون عليها من الصدق أو الكذب تسمى قيمة الصدق (Truth value) للصفة أو الخبر أو الافتراض، وليس في المنطق التقليدي أي قيم أخرى، فإما أن الأشياء صادقة أو كاذبة بدون اختيار ثالث، ونعبر في الرياضيات عن القيمة الصادقة باستخدام الرمز \(\top\) المشتق من حرف ’T‘ بالإنجليزية وهو أول حرف في كلمة ’True‘، كما نرمز للقيمة الكاذبة باستخدام الرمز \(\bot\) وهو مقلوب الرمز \(\top\) في شكل الكتابة، وعند كتابة أي شيء في الرياضيات، حتى وإن كانت صياغته في صورة جملة عادية بدلاً من رموز رياضية، فإننا نفترض أنه صادق، وحتى في لغتنا الطبيعية المستخدمة يومياً، فإننا نفترض فيما نقرؤه أو نسمعه من جمل أنها صادقة وليس أن كل ما نقرؤه أو نسمعه كاذب.

ولأن الصفة أو الخبر أو الافتراض قد يكون مركباً من أكثر من معنى، فإن هناك في اللغة الطبيعية روابط نستخدمها للربط بين عبارات اللغة، وكذلك توجد في المنطق روابط مقابلة لها، والفرق أن الروابط في المنطق لها معنى محدد وواضح بخلاف الروابط اللغوية التي قد تحمل أكثر من معنى. أهم الروابط المنطقية—ونسميها في الرياضيات المعاملات المنطقية (Logical operators)—النفي أو النقيض (Negation) وحرف العطف ’و‘ (Conjunction) ويسمى في المنطق ’الاجتماع‘، وحرف العطف ’أو‘ (Disjunction) ويسمى في المنطق ’الجمع المنطقي‘، والجملة الشرطية (Conditional statement)، وأستعرض فيما يلي معنى هذه الروابط وكيفية التعبير عنها.

ولأن الروابط المنطقية تربط بين صفتين أو خبرين أو افتراضين كل منهما له قيمة صدق معينة، فإننا نعبر عن هذه الروابط في صورة جداول تسمى جداول الصدق (Truth tables) نضع فيها قيمة الصدق لأحد العبارتين المربوطتين في أعلى الجدول أفقياً، ونضع قيمة الصدق للعبارة الأخرى في يمين أو يسار الجدول رأسياً، مع ملاحظة أن بعض الروابط تختلف قيمها حسب ترتيب العبارتين في الجملة كما سنرى لاحقاً في الجملة الشرطية، أما في داخل الجدول فنوضح قيمة الصدق للجملة المكونة من العبارتين المرتبطتين معاً، وفي هذا المقال وغيره مما يتعلق بالرياضيات أستخدم الرموز اللاتينية (الإنجليزية) ولذلك فإن كل التعبيرات الرياضية في هذا المقال تقرأ من اليسار إلى اليمين.

النفي أو النقيض

معنى النفي (Negation) أو النقيض (Contradiction) أن العبارة إذا كانت صادقة فإن نفيها أو نقيضها يكون كاذباً بالضرورة، وإذا كانت كاذبة فإن نفيها أو نقيضها يكون صادقاً بالضرورة. نعبر عن النفي أو النقيض في الرياضيات باستخدام الرمز \(\lnot\) (وهو الأشيع) أو الرمز \(\sim\) موضوعاً قبل ما نريد نفيه أو التعبير عن نقيضه. وفي الرياضيات بوجه عام فإن الكثير من المعاملات الرياضية لها مقابل يعني نقيضها وهو نفس شكل المعامل الرياضي مشطوباً عليه بشرطة مائلة، فمثلاً علامة التساوي \(=\) لها نقيض هو علامة عدم التساوي \(\neq\)، وعلامة ’أصغر من‘ \(\lt\) لها نقيض هو ’ليس أصغر من‘ \(\nless\) وهكذا، وإنما نستخدم الرمز \(\lnot\) في المنطق للتعبير عن نقيض أي شيء سواء كان له رمز خاص به أو لم يكن، فإذا قلنا أن \(x\) تعبر عن كل الأزهار، و \(P(x)\) تعبر عن الأزهار الحمراء فإن \(\lnot P(x)\) تعبر عن الأزهار التي ليست حمراء. وفيما يلي جدول الصدق للنفي أو النقيض:

\(x\) \(\lnot x\)
\(\top\) \(\color{red}\bot\)
\(\bot\) \(\color{green}\top\)

الاجتماع

استخدام حرف العطف ’و‘ في اللغة الطبيعية يقابل منطقياً ما يسمى بالاجتماع (Conjunction)، ويعبر عنه في الرياضيات باستخدام الرمز \(\wedge\) وهو مشتق من حرف ’A‘ الذي تبدأ به الكلمة الإنجليزية ’And‘، والاجتماع لكي يكون صادقاً يتطلب أن تكون كل من العبارتين المرتبطتين به صادقتين، ويكون كاذباً في كل الحالات الأخرى. مثلاً، إذا قلنا ”فتحت الباب ودخلت الغرفة“ فإن الجملة لكي تكون صادقة لا بد أن تكون عبارة ”فتحت الباب“ صادقة وأيضاً عبارة ”دخلت الغرفة“ صادقة، فإذا صدقت إحدى العبارتين ولم تصدق الأخرى، فإن الجملة تكون كاذبة، ولأن اجتماع العبارتين على الصدق شرط لتكون الجملة التي تربط بينهما صادقة فإن هذا النوع من الربط يسمى في المنطق الاجتماع. وفيما يلي جدول الصدق للاجتماع:

\(x \wedge y\) \(x\)
\(\top\) \(\bot\)
\(y\) \(\top\) \(\color{green}\top\) \(\color{red}\bot\)
\(\bot\) \(\color{red}\bot\) \(\color{red}\bot\)

الجمع المنطقي

استخدام حرف العطف ’أو‘ يعبر عنه في المنطق باسم الجمع المنطقي (Disjunction)، وتكون جملة الجمع المنطقي صادقة إذا ما كانت إحدى العبارتين المرتبطتين أو كلتاهما صادقة، وهنا يجب التفرقة بين استخدام حرف العطف ’أو‘ في اللغة الطبيعية بمعنى التخيير وبين استخدامه في المنطق، ففي سياق مثل ”يمكنك الذهاب إلى المعرض بالأتوبيس أو بالسيارة“ فإن المعنى هو أنك عليك أن تختار بين الذهاب بالأتوبيس أو بالسيارة، ولكن لن تذهب بكليهما معاً! في سياق آخر مثل ”صديقي سيذهب معي إلى المعرض أو أخي سيذهب معي“ فإن المعنى المقصود ليس هو التخيير، فلو ذهب معي صديقي فإن الجملة تكون صادقة، ولو ذهب معي أخي فإنها تكون صادقة، ولو ذهب معي الاثنان فإنها أيضاً تكون صادقة، وهذا المعنى الأخير للعطف باستخدام ’أو‘ هو المعنى المقصود في المنطق، والتسمية ربما تكون راجعة إلى استخدام جورج بول (George Boole) الذي أسس لمثل هذه العمليات المنطقية للرمز \(+\) للتعبير عن هذه العملية، إلا اننا في الرياضيات الحديثة نستخدم الرمز \(\vee\) للتعبير عنها. نلاحظ أن هذا الرمز هو مقلوب الرمز المعبر عن الاجتماع شكلاً. وفيما يلي جدول الصدق للجمع المنطقي:

\(x \vee y\) \(x\)
\(\top\) \(\bot\)
\(y\) \(\top\) \(\color{green}\top\) \(\color{green}\top\)
\(\bot\) \(\color{green}\top\) \(\color{red}\bot\)

الجملة الشرطية

الجملة الشرطية (Conditional statement) في اللغة تتكون من أداة الشرط (مثل ’إذا‘ أو ’إنْ‘) وجملة الشرط (وهي العبارة التي تلي أداة الشرط) وجواب الشرط (وهي العبارة الثانية التي تربطها أداة الشرط بجملة الشرط)، فمثلاً في قولنا ”إذا كانت الشمس ساطعة فإن الوقت نهار“ تكون أداة الشرط ’إذا‘ وجملة الشرط ”كانت الشمس ساطعة“ وجواب الشرط ”فإن الوقت نهار“، وفي المنطق لا يهم نوع أداة الشرط، فكلها يمكن تحويلها إلى جملة شرطية باستخدام ’إذا‘ أو ’إن‘، فمثلاً الجملة الشرطية اللغوية ”من يذاكر ينجح“ يمكن صياغتها في صورة ”إذا أي طالب ذاكر فإنه ينجح“ والجملة الشرطية اللغوية ”متى عدت إلى المنزل تجدني منتظرك“ يمكن صياغتها في صورة ”إذا عدت إلى المنزل تجدني منتظرك“، وهكذا. ما يهم في المنطق هو أي العبارتين هي جملة الشرط وأيهما هي جواب الشرط.

الجملة الشرطية في المنطق يطلق عليها بالإنجليزية Material implication وجملة الشرط في المنطق يطلق عليها المُقَدَّم (Antecedent) وجواب الشرط يطلق عليه التَّالِي (Consequent)، وهذه التسمية راجعة إلى المعنى. في الجملة الشرطية يكون المعنى أن تحقق جملة الشرط يعني تحقق جواب الشرط بالضرورة، أي أن جملة الشرط إذا ’تقدمت‘ في صدقها، فإن جواب الشرط ’يتلوها‘ في الصدق، أما إذا صدق جواب الشرط، فلا تصدق بالضرورة جملة الشرط، ونوضح ذلك بمثال. في جملة ”إذا كانت الشمس ساطعة فإن الوقت نهار“:

  • صدق جملة الشرط يعني أن الشمس ساطعة بالفعل، ولا يمكن أن تكون الشمس ساطعة والوقت ليس نهاراً، لأن تعريف النهار هو الوقت الذي تكون فيه الشمس ساطعة، ومن ثم فإن صدق جملة الشرط يعني بالضرورة صدق جواب الشرط.
  • على الجانب الآخر، فإن صدق جواب الشرط، أي لو صدقت جملة أن ”الوقت نهار“، لا يعني بالضرورة أن الشمس ساطعة. إذا كانت السماء ملبدة بالغيوم بكثافة، أو إذا كانت الشمس في حالة كسوف كلي، فإن الشمس لن تكون ساطعة حينئذ على الرغم من أن الوقت نهار.
  • وكذلك فإن كذب جملة الشرط لا يعني أي شيء بخصوص جواب الشرط، فكما أوضحنا سابقاً يمكن أن تكون الشمس غير ساطعة والوقت نهار، لكن يمكن أن تكون الشمس غير ساطعة لأن الوقت ليل أيضاً!

من هذا نرى أن تحقق جملة الشرط يكفي لتحقق جواب الشرط طالما الجملة الشرطية في مجملها صادقة، ولهذا فإننا نسمي جملة الشرط في الرياضيات ’الشرط الكافي‘ (Sufficient condition)، ونعبر عن ذلك باستخدام سهم \(\implies\) ما قبله هو جملة الشرط وما بعده هو جواب الشرط. نلاحظ هنا أن الاتجاه مهم، ففي حالتي الاجتماع والجمع المنطقي لم يكن من المهم أن نميز ترتيب العبارتين المرتبطتين، لكن في الشرط التمييز يصنع فارقاً مهماً، وعلى ذلك فإن التعبير الرياضي \(x \implies y\) يعني أن \(x\) هي المقدم و\(y\) هي التالي. وفيما يلي جدول الصدق للشرط.

\(x \implies y\) \(x\)
\(\top\) \(\bot\)
\(y\) \(\top\) \(\color{green}\top\) \(\color{green}\top\)
\(\bot\) \(\color{red}\bot\) \(\color{green}\top\)

فهل هناك علاقة تماثل علاقة الشرط لكنها في الاتجاه المعاكس؟ نعم! هناك الشرط العكسي الذي يبدأ بجواب الشرط وينتهي بجملة الشرط، ففي مثالنا السابقة إذا بدأنا بفحص الحالة التي فيها جواب الشرط كاذب (أي أن الوقت ليس نهاراً)، فإننا نستنتج بالضرورة أن الشمس لن تكون ساطعة. كذب جواب الشرط يعني بالضرورة كذب جملة الشرط في حالة كون الجملة الشرطية في مجملها صادقة. مثل هذه العلاقة في الرياضيات نسميها ’الشرط الضروري‘ (Necessary condition) لأن تحقق جواب الشرط ضروري لتحقق جملة الشرط، بمعنى آخر فإن جواب الشرط لا يمكن أن يكون كاذباً وتكون جملة الشرط صادقة. في الرياضيات نعبر عن هذا أيضاً بسهم \(\impliedby\) مثل السابق لكنه في الاتجاه المعكوس، وفيما يلي جدول الصدق لعلاقة الشرط المعكوس (Converse implication):

\(x \impliedby y\) \(x\)
\(\top\) \(\bot\)
\(y\) \(\top\) \(\color{green}\top\) \(\color{red}\bot\)
\(\bot\) \(\color{green}\top\) \(\color{green}\top\)

ونلاحظ أن جدول الصدق للشرط المعكوس هو كصورة مرآة لجدول الصدق للشرط. في جميع الأحوال، فإن التعبير الرياضي يعني الآتي:

  • ما قبل السهم هو المقدم في الجملة الشرطية، وما بعد السهم هو التالي، بغض النظر عن اتجاه السهم.
  • تحقق المقدم يعني بالضرورة تحقق التالي. عدم تحقق المقدم لا نستنتج منه شيئاً.
  • عدم تحقق التالي يعني عدم تحقق المقدم. تحقق التالي لا نستنتج منه شيئاً.
  • المقدم هو شرط كافٍ للتالي، والتالي هو شرط ضروري للمقدم.

الشرط الثنائي

الشرط الثنائي(Biconditional) هو جملة شرطية تسري في الاتجاهين بشكل متساو، مثل في قولنا ”إذا أصبحت حياً أرزق فسأذهب إلى العمل غداً، وإذا ذهبت إلى العمل غداً فقد أصبحت حياً أرزق“، فهما جملتا شرط يشتركان في العبارتين اللتين تمثلان جملة الشرط وجوابه، لكن العبارتين يتبادلان المواقع في الجملتين، فمرة تكون إحداهما جملة الشرط والأخرى جوابه، وينعكس دوراهما في الجملة الثانية، ولهذا السبب سمي بالشرط الثنائي، ويسمى أيضاً في المنطق بالتساوي المنطقي (Logical equivalence)، لأن قيمة الصدق لإحدى العبارتين المرتبطتين لا بد أن تساوي قيمة الصدق للأخرى، فإذا صدقت إحداهما صدقت الأخرى وإذا كذبت إحداهما كذبت الأخرى.

نسمي هذه العلاقة أيضاً في الرياضيات ’الشرط الكافي والضروري‘ (Necessary and sufficient condition) لأن كلاً من العبارتين المرتبطتين تكون شرطاً كافياً للأخرى في جملة شرطية وشرطاً ضرورياً لها في الجملة الشرطية الثانية، ومن ثم فإن كلاً منهما شرط ضروري وكافٍ للأخرى، ونعبر عن هذا في الرياضيات أحياناً بقولنا ’\(x\) إذا وفقط إذا \(y\)‘، ونرمز لها بسهم يسري في الاتجاهين \(\iff\)، وفيما يلي جدول الصدق لعلاقة الشرط الثنائي:

\(x \iff y\) \(x\)
\(\top\) \(\bot\)
\(y\) \(\top\) \(\color{green}\top\) \(\color{red}\bot\)
\(\bot\) \(\color{red}\bot\) \(\color{green}\top\)

أولوية المعاملات

في الرياضيات كثيراً ما نجد أنفسنا نقيم تعبيراً رياضياً به العديد من المتغيرات والعديد من المعاملات الرياضية بينها، ونكون في حيرة إذا لم نتفق على أولوية (Hierarchy) معينة لتقييم العمليات الرياضية، وإحدى الطرق هي أن نقيم المعاملات بترتيب كتابتها (في الإنجليزية نقيمها من اليسار إلى اليمين)، ولكن هذه الطريقة لا تؤدي إلى النتائج المرجوة في أغلب السياقات الرياضية. لكي نحدد ترتيباً لتقييم المعاملات الرياضية، فإننا يمكن أن نضع أقواساً حول ما نريد أن يتم تقييمه كوحدة واحدة، ثم نقيم الأقواس بترتيب كتابتها ومن الداخل إلى الخارج، أي أننا نبدأ من أول الكتابة (من اليسار في الإنجليزية أو من اليمين في العربية) ولا نقيم ما بداخل الأقواس إلا إذا قيمنا كل ما بداخلها من أقواس. على سبيل المثال نأخذ التعبير الرقمي التالي:

\[\begin{aligned} & (4 \times (12 \div (7-5))) + ((15 + 30) \div 9) \\ = & \color{red}(4 \times \color{blue}(12 \div \color{green}(7-5\color{green})\color{blue})\color{red}) + ((15 + 30) \div 9) \\ = & \color{red}(4 \times \color{blue}(12 \div 2\color{blue})\color{red}) + ((15 + 30) \div 9) \\ = & \color{red}(4 \times 6\color{red}) + ((15 + 30) \div 9) \\ = & 24 + ((15 + 30) \div 9) \\ = & 24 + \color{red}(\color{blue}(15 + 30\color{blue}) \div 9\color{red}) \\ = & 24 + \color{red}(45 \div 9\color{red}) \\ = & 24 + 5 = 29 \\ \end{aligned} \]

عندما نبدأ التقييم من اليسار إلى اليمين، فإننا نقابل الأقواس الحمراء أولاً، ولا نستطيع تقييم ما بداخلها حتى نقيم كل الأقواس التي تحتويها، وبالتالي علينا إن نقيم الأقواس الزرقاء، وهي بدورها تحتوي على الأقواس الخضراء، فنقيم هذه أولاً، ثم الزرقاء، ثم الحمراء، ثم ننتقل يميناً في التعبير الرياضي، فنقابل بالمثل أقواساً حمراء بداخلها أقواس زرقاء، فنقيم الزرقاء أولاً ثم الحمراء، ثم يتبقى لنا في النهاية معامل رياضي واحد نقيمه لنصل إلى الناتج.

نفس الشيء ينطبق على المعاملات المنطقية، ولتجنب كتابة الكثير من الأقواس—مما يؤدي إلى صعوبة فهم التعبير الرياضي—تم الاتفاق اصطلاحياً على أولوية لتقييم المعاملات، وبدلاً من استخدام الأقواس فإننا نتبع تلك الأولوية ونستخدم الأقواس فقط إذا أردنا أن يتم التقييم بشكل مخالف للأولوية المتفق عليها. أولوية المعاملات المنطقية من الأعلى إلى الأقل هي:

  1. النفي أو النقيض \(\lnot\)
  2. الاجتماع \(\wedge\)
  3. الجمع المنطقي \(\vee\)
  4. الشرط \(\implies\) والشرط المعكوس \(\impliedby\)
  5. الشرط الثنائي \(\iff\)

وبناء على هذه الأولوية فإن تعبيراً مثل: \[ x \implies y \iff \lnot x \vee y \] يفهم على المعنى التالي بدون الحاجة إلى أقواس: \[ (x \implies y) \iff ((\lnot x) \vee y) \]

ملحوظة: في بعض السياقات يستخدم الرمز \(\rightarrow\) بدلاً من \(\implies\)، والرمز \(\leftarrow\) بدلاً من \(\impliedby\)، والرمز \(\leftrightarrow\) بدلاً من \(\iff\)، ولكن يفضل استخدام الرموز التي وضحناها عالياً، ويجب استخدامها دوناً عن غيرها في حال وجود مجال للالتباس في معنى الرموز.

تعريف المجموعة الرياضية

ذكرنا سابقاً أننا سنلتزم في هذا السياق بتعريف جورج كانتور للمجموعة على الرغم من قصوره في بعض النواحي، وعليه فإن المجموعة الرياضية هي أي عدد من الأشياء المتمايزة (التي لا يتطابق منها اثنان) المحددة بدقة ووضوح والتي يمكن أن يتصورها العقل، سواء كانت مادية أو مجردة، وفي هذا التعبير فإن صفات المجموعة الضرورية هي:

  • أنها تحتوي على أشياء متمايزة، أي لا يمكن أن يتكرر نفس الشيء في المجموعة أكثر من مرة واحدة
  • أن ما تحتويه المجموعة معرف بدقة ووضوح تعريفاً لا يدع مجالاً للالتباس

وبالتالي فإن أي خاصية تعطي تعريفاً واضحاً ومحدداً يمكن أن تعبر عن مجموعة من الأشياء. على سبيل المثال، كل ما يلي يمكن أن يكون مجموعة رياضية:

  • مجموعة المراكز في محافظة الشرقية
  • مجموعة العشرة الأوائل على الثانوية العامة هذا العام
  • مجموعة السيارات المسجلة في إدارات مرور القاهرة
  • مجموعة من يحملون الجنسية المصرية
  • مجموعة ذرات الرمال على الكرة الأرضية
  • مجموعة النجوم الموجودة في الكون في أي زمان
  • مجموعة المجموعات التي يمثل كل منها طلاب أحد فصول المدرسة

ونرى مما سبق أننا قد لا يمكننا حصر محتوى المجموعة، ولكن يمكننا أن نعطي تعريفاً لكل ما يمكن اعتباره داخل هذه المجموعة. نرى أيضاً أن المجموعة يمكن أن تحتوي على مجموعات أخرى! تخيل أن المجموعة مثل صندوق أو كيس، وأنك يمكن أن تضع بداخلها أي عدد من الأشياء المتمايزة التي تنطبق عليها مواصفات محددة ودقيقة، بل يمكنك أيضاً وضع أكياس أو صناديق أخرى داخل المجموعة الأصلية، بل يمكن أيضاً أن تترك الكيس أو الصندوق فارغاً. كل كيان يوضع داخل هذا الكيس أو الصندوق (المجموعة) يسمى في الرياضيات ’عنصراً‘ (Element) من عناصر المجموعة، وجرى العرف أن نعبر عن عناصر المجموعة برموز لاتينية صغيرة مثل \(a,b,c,\dots\)، وعن اسم المجموعات بحروف لاتينية كبيرة مثل \(A,B,C,\dots\)، وعن فئات أو عائلات متقاربة من المجموعات بحروف لاتينية كبيرة بخط اليد مثل \(\mathcal A, \mathcal B, \mathcal C, \dots\). ولكي نقول في الرياضيات أن عنصراً \(x\) ما يوجد في مجموعة ما \(X\) فإننا نقول ’\(x\) ينتمي إلى \(X\)‘ ونعبر عنها رمزياً بكتابة \(x \in X\)، ولكي نعبر عن أن ’العنصر \(x\) لا ينتمي إلى \(X\)‘ فإننا نكتب \(x \notin X\).

هذا ينقلنا إلى الحديث عن طريقتي تعرف المجموعة الرياضية وهما ’سرد العناصر‘ (Enumeration of elements) و’صيغة بناء المجموعة‘ (Set-builder notation).

سرد عناصر المجموعة

عندما تكون المجموعة صغيرة الحجم نسبياً، أي تحتوي على عدد قليل نسبياً من العناصر، فإن سرد هذه العناصر يكون أمراً سهلاً. نعبر عن المجموعة رياضياً بوضع ما يميزها داخل أقواس مقعوصة \(\{\}\). نعطي بعض الأمثلة على ذلك:

مجموعة قواسم العدد 6 هي \(\{1,2,3,6\}\)

مجموعة حروف الأبجدية العربية هي {أ، ب، ت، ث، ج، ح، خ، د، ذ، ر، ز، س، ش، ص، ض، ط، ظ، ع، غ، ف، ق، ك، ل، م، ن، هـ، و، ي}

مجموعة الأعداد الأولية بين العدد 20 والعدد 40 هي \(\{23,29,31,37\}\)

مجموعة الفاكهة المفضلة لدي هي {موز، تفاح، بطيخ، عنب}

نلاحظ في الأمثلة السابقة أن هناك بعض المجموعات التي يمكن استنتاج عناصرها بمجرد وصفها بدقة، وهناك بعض المجموعات الأخرى التي يستحيل ذلك بالنسبة لها، والمجموعة الأخيرة هي خير مثال على ذلك، فليست هناك قاعدة محددة تصف بدقة الفاكهة المفضلة لدي، وسرد مثل هذه العناصر هو الطريقة الوحيدة لمعرفتها، وينطبق هذا على الكثير من الأمثلة في الحياة اليومية، فعلى الرغم من أن عناصر أي مجموعة يمكن وصفها بصفة معينة تحددها، إلا أن معرفة تلك العناصر قد يكون مستحيلاً بدون سردها. مثال آخر على ذلك هو مجموعة ’المشتروات التي اشتريتُها (أنا) بالأمس‘، فعلى الرغم من أن هذا وصف لعناصر المجموعة، إلا أنه لا يمكننا من معرفة عناصرها على الإطلاق، فإذا سألتك إذا ما كان الخبز من مجموعة الأشياء التي اشتريتُها بالأمس، فلن يمكنك الإجابة بمجرد معرفة ’وصف‘ عناصر تلك المجموعة، ولكنك سيمكنك الإجابة حتماً إذا سردت لك كل ما اشتريته بالأمس. نفس الشيء ينطبق على مجموعة حروف الهجاء العربية، فمن لا يعرف اللغة العربية لا يفيده هذا الوصف بشيء على الإطلاق في معرفة أي الحروف هي فعلاً من الحروف العربية.

وبعض المجموعات الكبيرة جداً لا يمكن معرفة عناصرها بدون سردها لأنه لا توجد قاعدة محددة تصف تلك العناصر وتحددها، فمثلاً مجموعة ’الناس الذي ذهبوا للحج هذا العام‘ هي مجموعة ضخمة عدد عناصرها بالملايين، ولكن إذا سألتك إذا كان فلان (الذي لا تعرفه) من هذه المجموعة أم لا، فإنك لن تتمكن من الإجابة بدون سرد عناصر المجموعة لتعرف إن كان فلان هذا فيها أم لا. الأمر يختلف تماماً في حالة الأعداد التي يمكن وصفها بشكل يحددها بدقة دوناً عن غيرها من الأعداد. على سبيل المثال، مجموعة ’الأعداد الزوجية الأقل من 100‘ تحتوي على العدد 68، ولا يلزمني أن أسرد كل العناصر في المجموعة لمعرفة ذلك، ويكفي أن أعرف أن 68 هو عدد زوجي وهو أقل من 100، وبناء عليه فإنه ينتمي إلى هذه المجموعة.

هناك أيضاً المجموعات اللانهائية (Infinite sets) وهي المجموعات التي تحتوي على عدد لانهائي من العناصر، مثل مجموعة الأعداد الصحيحة. يستحيل سرد عناصر مثل هذه المجموعات، ولذلك فهذه الطريقة في التعريف لا تصلح للمجموعات اللانهائية، وإن كنا أحياناً نستخدم السرد عندما يكون استنتاج بقية العناصر أمراً واضحاً، كما في التعبير عن مجموعة الأعداد الصحيحة الموجبة بالصورة: \( \{1,2,3,4,\dots\} \)، ومن الواضح أننا لن نتمكن من سرد كل عناصر المجموعة، ولكن القاعدة المحددة لها تبدو واضحة من سرد عدد قليل من عناصرها. مثل هذه التعريفات ليست تعريفات دقيقة رياضياً، ولكنها مستخدمة بشكل شائع، ولكن ليس هناك ما يمنع أن تكون المجموعة السابقة معبرة عن مجموعة كل الأعداد الصحيحة سواء كانت موجبة أم سالبة، أو كل الأعداد التي تقبل القسمة على نفسها (أي كل الأعداد بشكل مطلق ما عدا الصفر)، ففي جميع الأحوال لن يمكننا سرد كل عناصر المجموعة.

صيغة بناء المجموعة

صيغة بناء المجموعة تصلح لتعريف أي مجموعة رياضية، ولكنها لا تصلح لمعرفة عناصر المجموعة بالضرورة. كل التعريفات التي ذكرناها في الأمثلة السابقة يمكن كتابتها في هذه الصيغة، إلا أن بعض هذه التعريفات لا تعطينا معرفة حقيقية بماهية عناصر المجموعة، لكن في الرياضيات فإنه من الممكن في معظم الأحوال أن نعرف المجموعات بتلك الصيغة، لأننا كما وضحنا سابقاً يمكن أن نعرف الأعداد والكيانات الرياضية معرفة تامة تميزها عن غيرها من وصفها فقط. التعبير الآتي يوضح صيغة بناء المجموعة للأعداد الأقل من 1000:

\[ \{x \mid x \lt 1000 \} \]

الرمز \(\mid\) في الصيغة السابقة ينطق ’بحيث أن‘ (such that) ونقرأ الجملة السابقة كالآتي: ”\(X\) هي مجموعة كل العناصر \(x\) بحيث أن \(x\) أقل من 1000“، والتعريف يشمل أي عدد أقل من 1000، ولا يلزم سرد كل عناصر المجموعة (في الواقع يستحيل سرد كل عناصرها) لمعرفة إذا ما كان عدد ما ينتمي إليها أم لا، فكل الآتي صحيح:

\[ 487 \in X \\ \sqrt{701} \in X \\ \ln 1000 \in X \\ \sin \theta \in X \\ -a^2 \in X \]

وكل الآتي أيضاً صحيح:

\[ \sqrt{2000000} \notin X \\ \tan \frac{\pi}{2} \notin X \\ (|x|+1)(|x|+1000) \notin X \]

كما تمكننا صيغة بناء المجموعة أيضاً من تعريف مجموعات أكثر تعقيداً، فالمجموعة التالية مثلاً هي مجموعة الأعداد الزوجية التي هي أكبر من 100 وأقل من 1000 وتقبل القسمة على 7

\[ \{x \mid x \in \mathbb{N} \wedge k \in \mathbb{N}^* \wedge x \gt 100 \wedge x \lt 1000 \wedge x = 7k \} \]

الرمز \(\mathbb{N}\) هو الرمز الرياضي المتعارف عليه لمجموعة الأعداد الطبيعية (Natural numbers) وهي الأعداد الصحيحة غير السالبة التي يعبر عنها أحياناً بالصورة \(\{0,1,2,3,\dots\}\)، أما الرمز \(\mathbb{N}^*\) فهو الرمز الرياضي المتعارف عليه لمجموعة الأعداد الطبيعية بخلاف الصفر، أي الأعداد الصحيحة الموجبة التي يعبر عنها أحياناً بالصورة \(\{1,2,3,\dots\}\)، أي أن التعريف السابق يقرأ ”مجموعة العناصر \(x\) بحيث أن \(x\) ينتمي إلى الأعداد الطبيعية، و\(k\) ينتمي إلى الأعداد الصحيحة الموجبة، و\(x\) أكبر من 100، و\(x\) أقل من 1000، و\(x\) هو حاصل ضرب \(k\) في العدد 7“. العدد 700 مثال على أحد عناصر هذه المجموعة، فهو ينتمي إلى الأعداد الطبيعية، وهو أكبر من 100 وأقل من 1000، وهو حاصل ضرب 7 في عدد صحيح موجب هو 100.

وعندما يكون هناك تعريف مثل السابق تنتمي فيه عناصر المجموعة المراد تعريفها إلى مجموعة أكبر، فإننا يمكن أن نضع علامة الانتماء قبل العلامة \(\mid\)، فنكتب اختصاراً:

\[ \{x \in \mathbb{N} \mid k \in \mathbb{N}^* \wedge x \gt 100 \wedge x \lt 1000 \wedge x = 7k \} \]

وفيما يلي تعريف مجموعة الأعداد التي جذرها التربيعي هو عدد طبيعي:

\[ \{x \mid \sqrt{x} \in \mathbb{N} \} \]

وتعريف مجموعة الأعداد الحقيقية (Real numbers) الأكبر من \(\pi\) أو الأقل من \(-\pi\):

\[ \{x \in \mathbb{R} \mid x \lt -\pi \vee x \gt \pi \} \]

والرمز \(\mathbb{R}\) هو الرمز الرياضي المتفق عليه لمجموعة الأعداد الحقيقية. تعريف عناصر مجموعة ما كعناصر لمجموعة أكبر تحتويها (مثل المجموعة \(\mathbb{N}\) أو المجموعة \(\mathbb{R}\) في الأمثلة السابقة) يأخذنا إلى تعريف خاصية الاحتواء (Inclusion property) والمجموعة الجزئية (Subset).

المجموعة الجزئية

عندما تكون عناصر أحد المجموعات \(X\) كلها تنتمي إلى مجموعة أخرى \(S\)، فإننا نقول إن المجموعة \(X\) هي مجموعة جزئية (Subset) من المجموعة \(S\)، وبتعريف صيغة بناء المجموعة فإننا نكتب:

\[ ( a \in X \implies a \in S ) \iff X \subset S \]

أي أنه إذا كان انتماء أي عنصر \(a\) إلى المجموعة \(X\) يعني بالضرورة أن \(a\) ينتمي إلى المجموعة \(S\) فإن هذا مكافئ لقولنا أن المجموعة \(X\) هي مجموعة جزئية من المجموعة \(S\) ونكتبها رياضياً في صورة \(X \subset S\)، والرمز \(\subset\) هو المعبر عن المجموعة الجزئية، وتكتب الجهة المفتوحة منه ناحية المجموعة الأكبر والجهة المغلقة ناحية المجموعة الأصغر، فيمكن أن نكتب نفس المعنى في صورة \(S \supset X\) وتنطق ’المجموعة \(S\) تحتوي على المجموعة \(X\)‘ وبالإنجليزية نقول ”\(S \text{ includes } X\)“ أو ”\(S \text{ is a superset of } X\)“.

وفي تعريف الأعداد الأولية (Prime numbers) مثلاً فإننا نفترض أن \(\operatorname{\Phi}(x)\) يعني أن العدد \(x\) له قواسم غير نفسه والواحد الصحيح، فيكون تعريف مجموعة الأعداد الأولية هو:

\[ \mathbb{P}=\{p \in \mathbb{N} \mid p > 1 \wedge \lnot \operatorname{\Phi}(p) \} \]

وتكون مجموعة الأعداد الأولية هي مجموعة جزئية من مجموعة الأعداد الطبيعية، أي أن \(\mathbb{P} \subset \mathbb{N}\)، لأن أي عنصر في مجموعة الأعداد الأولية هو بالضرورة عنصر في مجموعة الأعداد الطبيعية أيضاً، أي أنه طبقاً للتعريف فإن:

\[ a \in \mathbb{P} \implies a \in \mathbb{N} \]

تساوي المجموعات

يقال أن المجموعة \(X\) تساوي المجموعة \(Y\) إذا كان كل عنصر ينتمي إلى \(X\) ينتمي أيضاً إلى \(Y\) وكل عنصر ينتمي إلى \(Y\) ينتمي أيضاً إلى \(X\)، أي أن كل عنصر في أحد المجموعتين يقابله عنصر مساوٍ في المجموعة الأخرى. نلاحظ أن تعريف الاحتواء كان مشابهاً للجملة الشرطية، العادية، وعبرنا عنه رياضياً بالرمز \(\implies\) الذي استخدمناه للتعبير عن الجملة الشرطية. تعريف التساوي الموضح عالياً هو جملتان شرطيتان يشتركان في المقدم والتالي ويتبادل فيهما المقدم مع التالي، وهو تعريف الشرط الثنائي. رياضياً نكتب:

\[ (a \in X \iff a \in Y) \iff X = Y \]

ولأن تعريف الاحتواء هو جملة شرطية في اتجاه معين، فإذا صدقت الجملة الشرطية في الاتجاه المعاكس فإنه يصير شرطاً ثنائياً، وبالتالي فإنه إذا كانت \(X\) مجموعة جزئية من \(Y\) وكانت \(Y\) مجموعة جزئية من \(X\) فإن \(X=Y\). رياضياً نكتب:

\[ (X \subset Y \wedge Y \subset X) \iff X = Y \]

ومن التعريف السابق للاحتواء نجد أنه لا يوجد في تعريف \(X \subset Y\) ما يفيد أن \(Y\) لا تحتوي على عناصر أخرى بخلاف العناصر الموجودة في \(X\)، وبالتالي فإن تعريف المجموعة الجزئية يمكن أن ينطبق أيضاً على المجموعة المساوية، بمعنى أن \(X = Y \implies X \subset Y\). فإذا أردنا التعبير عن أن المجموعة \(Y\) تحتوي على عناصر أخرى بخلاف تلك الموجودة في المجموعة \(X\)، أي أن \(X \subset Y \wedge X \neq Y\)، فإننا نسمي \(X\) ’مجموعة جزئية حقيقية (Proper subset) من \(Y\)‘. أما إذا أردنا التعبير عن أن \(X\) يمكن أن تكون مجموعة جزئية من \(Y\) أو مساوية لها، فإننا نستخدم الرمز \(\subseteq\) فنكتب \(X \subseteq Y\) أو \(Y \supseteq X\). واستخدام علامة التساوي مدمجة في علامة الاحتواء للتعبير عن كون مجموعة ما جزئية من أخرى أو مساوية لها يقابله استخدام الرمز \(\subsetneq\) للتعبير عن المجموعة الجزئية الحقيقية، ونلاحظ الشطب على علامة التساوي للتدليل على أن قولنا \(A \subsetneq B\) يعني أن \(A\) جزئية من \(B\) وليست مساوية لها.

المجموعة الشاملة

مفهوم المجموعة الشاملة (Universal set) في الرياضيات هو ’مجموعة كل شيء‘ أو ’مجموعة كل المجموعات‘، فأي شيء ينتمي إلى المجموعة الشاملة، وأي مجموعة هي مجموعة جزئية من المجموعة الشاملة، وعلى الرغم من أن هذا المفهوم المبسط جداً كان من النقاط الأساسية التي سببت بعض التناقضات في نظرية المجموعات البسيطة، إلا أنه لا يتعارض مع استخدام نظرية المجموعات البسيطة في أغلب الأحوال ولأغلب الاغراض، ولهذا سنكتفي بهذا المفهوم في هذا السياق.

فإذا عبرنا عن المجموعة الشاملة بالرمز \(U\) فإن التالي حقيقي لأي عنصر \(a\) وأي مجموعة \(A\):

\[ a \in U \\ A \subset U \]

كمثال على ذلك، فلنعتبر أن المجموعة الشاملة \(U\) هي مجموعة ’كل ما هو موجود‘، والمجموعة \(A\) هي مجموعة ’كل النباتات‘، فتكون المجموعة \(A\) مجموعة جزئية من \(U\)، لأن كل النباتات هي بالضرورة موجودة، ويكون عنصر ’فكرة العنقاء‘ منتمياً إلى مجموعة ’كل ما هو موجود‘ أيضاً (لاحظ أنني أتحدث عن الفكرة وليس العنقاء كطائر).

مفهوم المجموعة الشاملة في نظرية المجموعات سنستخدمه فيما بعد في الحديث عن العمليات على المجموعات.

الفرق بين المجموعة والعنصر

في نظرية المجموعات، المجموعة تختلف عن العنصر، بمعنى أن المجموعة التي تحتوي على عنصر وحيد هو \(a\) لا تساوي العنصر \(a\) نفسه. المجموعة كيان مستقل في الرياضيات.

\[ a \in \{a\} \\ a \neq \{a\} \]

لكن يمكن للمجموعة أن تحتوي على مجموعات أخرى. على سبيل المثال، المجموعة التالية:

\[ \{ \{1,3,5\}, 2,4, \{10,20\} \} \]

تحتوي على العناصر \(\{1,3,5\}\) و2 و4 و\(\{10,20\}\), ولا تحتوي على العنصر 3 ولا العنصر 10، بل هما عنصران في المجموعات التي هي عناصر من المجموعة الأصلية، ولأن العنصر ليس هو المجموعة المحتوية عليه في الرياضيات، فإن المجموعة \(\{ e, \{e\} \}\) لا تحتوي على عناصر متشابهة رياضياً لأن \(e \neq \{e\}\). المجموعة التي تخلتف عن بقية المجموعات في هذا الشأن هي المجموعة الخالية.

المجموعة الخالية

المجموعة الخالية (Empty set)—ويرمز لها في الرياضيات بالرمز \(\varnothing\) وينطق ’فاي‘ أو بالأقواس الفارغة \(\{\}\)—هي المجموعة التي لا تحتوي على أية عناصر، والمجموعة الفارغة مثلها للمجموعات مثل الصفر للأعداد، فالمجموعة الفارغة تعبر عن ’اللاشيء‘ في نظرية المجموعات، وبالتالي فإن المجموعة الفارغة هي عنصر من أي مجموعة، والمجموعة الفارغة هي مجموعة جزئية من أي مجموعة.

\[ \varnothing \in A \\ \varnothing \subset A \]

قلنا سابقاً أنه لو كانت مجموعة ما جزئية من مجموعة أخرى فإن كل عناصر المجموعة الجزئية تنتمي إلى المجموعة التي تحتويها، وبالتالي فإن:

\[ \{2,3\} \subset \{2,3,\{4,5\}\} \]

لكن المجموعة \(\{4,5\}\) ليست جزئية منها، لكنها تنتمي إليها كعنصر:

\[ \{4,5\} \not\subset \{2,3,\{4,5\}\} \\ \{4,5\} \in \{2,3,\{4,5\}\} \]

أما المجموعة الخالية فلأنها ’لا شيء‘ فإن المجموعة التي تحتوي على ’لا شيء‘ هي أيضاً ’لا شيء‘، ولذلك فإن المجموعة الخالية يمكن أن تعتبر كعنصر وكمجموعة كما وضحنا سابقاً، وهي عنصر من أي مجموعة، وهي أيضاً مجموعة جزئية من أي مجموعة.


نسب المصنفات

هناك تعليق واحد :