هذا المقال أعيدت كتابته مع التنقيحات والإضافات والردود على التعليقات، ويمكن قراءة المقال المعدل كاملاً في هذا الرابط.
هذا المقال هو أحد مجموعة من المقالات تختص بنقاش موضوعات إسلامية بشكل أو بآخر. ستجد في هذا الرابط قائمة بالمقالات المتاحة.
من أكثر ما أدهشني في الجدل الدائر حول صحة الأحاديث النبوية وأهمية البخاري وما إلى ذلك أن ينبري أحدهم لا للدفاع عن البخاري، ولا للدفاع عن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل، ولا للتشكيك في البخاري ومحتواه، ولا حتى لتبرير حديث أن النساء ناقصات عقل ودين، ولكن لمحاولة إقناع النساء أن هذا الوصف مديح وليس ذمًا!!
ودعونا مبدئيًا نستعرض ما ورد في كتب الحديث بخصوص هذا الأمر.
للقارئ الباحث عن تحديث المقال، يمكنك الذهاب مباشرة إلى التحديث الأول.
في صحيح مسلم، كتاب الإيمان باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات وبيان إطلاق لفظ الكفر على غير الكفر بالله ككفر النعمة والحقوق:
حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر المصري أخبرنا الليث عن بن الهاد عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار فقالت امرأة منهن جزلة ومالنا يا رسول الله أكثر أهل النار قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن قالت يا رسول الله وما نقصان العقل والدين قال أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين وحدثنيه أبو الطاهر أخبرنا بن وهب عن بكر بن مضر عن بن الهاد بهذا الإسناد مثله.
وفي سنن ابن ماجة، كتاب الفتن، باب فتنة النساء:
حدثنا محمد بن رمح أنبأنا الليث بن سعد عن بن الهاد عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا معشر النساء تصدقن وأكثرن من الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار فقالت امرأة منهن جزلة ومالنا يا رسول الله أكثر أهل النار قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن قالت يا رسول الله وما نقصان العقل والدين قال أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا من نقصان العقل وتمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان فهذا من نقصان الدين.
وفي سنن الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في استكمال الإيمان وزيادته ونقصانه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فوعظهم ثم قال يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر أهل النار فقالت امرأة منهن ولم ذاك يا رسول الله قال لكثرة لعنكن يعني وكفركن العشير قال وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذوي الألباب وذوي الرأي منكن قالت امرأة منهن وما نقصان دينها وعقلها قال شهادة امرأتين منكن بشهادة رجل ونقصان دينكن الحيضة تمكث إحداكن الثلاث والأربع لا تصلي وفي الباب عن أبي سعيد وابن عمر قال أبو عيسى هذا حديث صحيح غريب حسن من هذا الوجه.
وفي صحيح البخاري فإننا وإن كنا لا نجد الحديث كاملاً متصلاً كما ذكر في الكتب الثلاثة السابقة نجده مقسماً في مواضع مختلفة تحمل نفس المعنى بلا نقصان إلا أن المرأة ناقصة عقل، حيث لم يذكر هذا نصًا في البخاري وإن ذكر أن شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل.
في صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب كفران العشير، وكفر بعد كفر
حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن)
وفي كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم
حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: أخبرنا محمد بن جعفر قال: أخبرني زيد، هو ابن أسلم، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى، أو فطر، إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: (يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار)
وفي كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة:
حدثنا أبو الوليد: حدثنا سلم بن زرير: حدثنا أبو رجاء، عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء)
وفي كتاب النكاح، باب كفران العشير وهو الزوج، وهو الخليط، من المعاشرة:
حدثنا عثمان بن الهيثم: حدثنا عوف، عن أبي رجاء، عن عمران، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اطلعت على الجنة فكان أكثر أهلها الفقراء، أطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء) تابعه أيوب وسلم بن زرير
وفي كتاب الرقاق، باب فضل الفقر:
حدثنا أبو الوليد: حدثنا سلم بن زرير: حدثنا أبو رجاء، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اطَّلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطَّلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء) تابعه أيوب وعوف وقال صخر وحمَّاد بن نجيح، عن أبي رجاء، عن ابن عباس
وفي كتاب الصوم، باب الحائض تترك الصوم والصلاة:
حدثنا ابن أبي مريم: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثني زيد، عن عياض، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم، فذلك نقصان دينها)
وفي كتاب الشهادات باب شهادة النساء:
حدثنا ابن أبي مريم: أخبرنا محمد بن جعفر قال: أخبرني زيد، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل)
وهنا يلفت انتباهي عدد من النقاط الهامة في هذا الحديث:
- لم يخاطب محمد فئة بعينها من النساء ولا جماعة بعينها، وإنما نراه يتحدث عن النساء بصفة عامة، وتذكر كتب الحديث حديثه هذا للاستدلال على قواعد عامة تنطبق على النساء ككل، وعليه فإن التبرير بأن الحديث لا يقصد عامة النساء يفتقر إلى الصواب في رأيي.(انظر التحديث)
- ذكر في الحديث أن محمدًا عندما سؤل علل كون النساء أكثر أهل النار بأنهن يكفرن العشير (أي يمتنعن عن مضاجعة أزواجهن متى أرادوا) (انظر التصحيح) وأنهن ناقصات عقل ودين يغلبن ذوي الألباب (أي يبعدن ذوي الألباب عن الصواب)،(انظر التحديث) ولا أظن مطلقاً أن هذا مديح للنساء. إذا كان نقصان العقل والدين سببًا في كونهن أغلب أهل النار، فكيف يكون مديحًا؟! والأعجب أن السبب الأول أنهن لا يمتثلن لأزواجهن متى أرادوا الجماع، وكأن المرأة لا رأي لها مطلقًا في العلاقة الجنسية بينها وبين زوجها.
- الاستدلال على نقصان العقل يفتقر تماماً إلى المنطق. ما الدليل على نقصان العقل؟ أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل! ومن وضع هذه القاعدة؟ القرآن الذي أتى به محمد. وعلام بنيت هذه القاعدة؟ على لا شيء مطلقًا! هل هناك ما يثبت أن المرأة ناقصة عقل؟ لا. هل هناك ما يثبت أن المرأة كذوب؟ لا.
ولنبدأ بتوضيح. قوانين الاحتمالات الرياضية تجعل للاحتمال المؤكد قيمة الواحد الصحيح، وللمستحيل قيمة الصفر، وكل الاحتمالات الأخرى تتخذ قيمة ما بين الصفر والواحد الصحيح، ولكل حدث احتمال ذي قيمة لا تقل عن الصفر ولا تزيد عن الواحد الصحيح، واحتمال عدم حدوث هذا الحدث هو باقي طرح احتمال الحدث من الواحد الصحيح، فإذا كان لحدث ما (وليكن أنني أجهل ما أتكلم عنه) احتمال قيمته (س) فإن إحتمال عدم حدوث هذا الحدث (أي انني أعلم ما أتكلم عنه) هو (١ - س).
ويلزم توضيح آخر قبل أن نكمل النقاش. احتمال حدوث حدثين منفصلين (لا يترتب أحدهما على الآخر) معًا هو احتمال حدوث الأول مضروباً في احتمال حدوث الثاني. مثلاً، لو كان احتمال سقوط الأمطار غداً هو ١٠٪ (أي ٠٫١) واحتمال أن تتعطل سيارتي ١٪ (أي ٠٫٠١) فإن إحتمال أن تسقط الأمطار غداً وتتعطل سيارتي في نفس الوقت هو ١٠٪ × ١٪ = ٠٫٠٠١ (واحد في الألف).
ولأن الحديث المعنيّ هنا لا يحدد حالة معينة للنساء تقبل فيها شهادتهن كشهادة مساوية لشهادة الرجل أو كنصف شهادة الرجل، خاصة وأن الإسلام على حد علمي لا يفرق في قيمة الشهادة بين المرأة صغيرة السن وبين العجوز، ولا بين المتزوجة والبكر، ولا بين الحائض والحامل والنفساء والمرضعة وغيرها، فالمنطقي أن نعتبر أن الحديث يتكلم عن النساء بصفة عامة في كل الأحوال.(انظر التحديث) دعونا نفترض أن احتمال كون الرجل كاذبًا هو (س) واحتمال كون المرأة كاذبة هو (ص)، فلكي يتساوى احتمال صدق الرجل (١ – س) مع احتمال صدق امرأتين معًا (١ – ص)(١ – ص) فإن:
(١ –ص)٢ = ١ – س
١ – ٢ص + ص٢ = ١ – س
٢ص – ص٢ = س
وبما أن ص٢ لا بد أن تكون رقمً موجبًا كأي مربع، فإن:
٢ص < س
وبالتالي ص < سأي أنه لكي يتساوى احتمال صدق رجل مع احتمال صدق امرأتين معاً فإن احتمال أن تكون امرأة واحدة منهما كاذبة لا بد أن يكون أقل من أن يكون الرجل كاذباً، وبالتالي فتطلّب امرأتين للشهادة بدلاً من رجل واحد في هذه الحالة يقلل من احتمال صدقهما معاً، والأفضل أن نتخذ شهادة المرأة كشهادة الرجل بل وأصح...!!!
ولأنني أعلم أن بعض أنصاف المتعلمين سينبرون للدفاع الأعمى بحجة أنني لم أستخدم احتمالية أن تكون المرأة صادقة وأن يكون الرجل صادقاً بدلاً من أن تكون المرأة كاذبة وأن يكون الرجل كاذباً، فإنني أعرض القضية من وجهة النظر هذه أيضاً. افترض أن احتمال أن يكون الرجل صادقاً هو (س) وأن تكون المرأة صادقة هو (ص)، فلكي يتساوى احتمال صدق الرجل مع احتمال صدق امرأتين معاً فإن:
ص٢ = س
ولكن س أقل من الواحد الصحيح، لأن احتمال أن يكون أي بشري صادقاً على الدوام لا يمكن أن يكون أكيداً، وبالتالي:
صفر < س < ١
ص > س
لأن الجذر التربيعي لأي قيمة أقل من الواحد الصحيح وأكبر من الصفر لا بد أن يكون أكبر من تلك القيمة، فمثلاً الجذر التربيعي لـ ٠٫٢٥ هو ٠٫٥ وهو أكبر من ٠٫٢٥أي أنه لكي يتساوى احتمال صدق رجل مع احتمال صدق امرأتين فإن احتمال صدق امرأة واحدة لا بد أن يكون أكبر من إحتمال صدق الرجل. وبالتالي فتطلّب امرأتين للشهادة بدلاً من رجل واحد في هذه الحالة يقلل من احتمال صدقهما معاً، والأفضل أن نتخذ شهادة المرأة كشهادة الرجل بل وأصح...!!!
وهذه ليست مغالطة ولا «فزورة». افترض أن احتمال أن تكون أي امرأة كاذبة هو ٨٪ وأن يكون أي رجل كاذب هو ٤٪، فإذا أخذت شهادة امرأتين معًا، فإن احتمال أن تكونا كلتاهما صادقتين هو ٩٢٪ × ٩٢٪ = ٨٤٫٦٤٪، وهو أقل من احتمال أن يكون الرجل صادقًا (٩٦٪)! وهو أقل أيضاً من احتمال أن تكون امرأة واحدة صادقة (٩٢٪)!!
والآن افترض أن احتمال أن تكون أي امرأة كاذبة هو ٢٪ وأن يكون رجل كاذباً هو ٤٪، ومن البديهي أنه في تلك الحالة لا لزوم مطلقاً لاتخاذ شهادة رجل مساوية لشهادة امرأتين لأن إحتمال صدق إمرأة واحدة أكبر، ولكن إذا أخذت شهادة امرأتين معًا، فإن احتمال أن تكونا كلتاهما صادقتين هو ٩٨٪ × ٩٨٪ = ٩٦٫٠٤٪، أي ما زال أكبر من احتمال أن يكون الرجل صادقًا (٩٦٪)! وهو أيضاً أقل من احتمال أن تكون امرأة واحدة صادقة (٩٨٪)!!
هذا ما يطلق عليه في علم المنطق التناقض (Contradiction)، أي أن النتيجة تكون دائماً خاطئة بغض النظر عن أي تفسيرات. ادعاء أن شهادة الرجل مساوية لشهادة امرأتين بحجة أن المرأة قد تنسى أو تكذب أو يجانبها الصواب أو الصدق لأي سبب أياً كان ينتج عنه دائماً وجوب (انظر التحديث) أن تكون المرأة الواحدة أصدق من الرجل الواحد! و هذا يعارض الفرضية الأساسية أن امرأة واحدة ليست أصدق من رجل واحد.
- الاستدلال على نقصان الدين يتبع خطًا مماثلاً للاستدلال على نقصان العقل، فالله في الإسلام يمنع المرأة من الصوم والصلاة في حالة المحيض ثم يتخذ من ذلك سببًا لنعتها بنقصان الدين الذي يُتخذ بدوره سببًا في جعل أكثر أهل النار من النساء! فكيف لله أن يوصي النساء بما يتخذه لاحقًا سببًا لتعذيبهن؟ وماذا لو عصين الله فيما أوصاهن به في هذا الشأن فصَلّين وصُمن وهن حائضات، فهل سيعذبهن أيضًا لعصيانهن؟ هذا ما نسميه في علم المنطق Tautology و لا أعلم له ترجمة بالعربية، غير أنه مشتق من كلمة يونانية بمعنى «قول الشيء نفسه»، وهو أن جميع التفسيرات الممكنة للقضية تنتهي بنهاية صحيحة واحدة وهي أن النساء سيعذبن بغض النظر عن أي شيء.
ولهذا لا أعلم كيف يمكن أن يكون هذا الحديث تحديدًا مديحًا للنساء وتكريمًا لهن، إلا إذا كن يحببن أن يعذبن، وعلى قدر علمي أكثر النساء لا يستمتعن بالعذاب. ولكننا سنجد منهن من يدافعن بقوة عن هذا الحديث وعن شهادة المرأة التي تعادل قيمتها نصف شهادة الرجل، لا لشيء إلا لأن هذا هو كلام الله ورسوله، وبغض النظر عن أي منطق سليم، وسنجد منهن من يَرَيْن أنهن أقل شأنًا من الرجال ولا غضاضة فيما ذكره هذا الحديث عنهن، وربما هؤلاء من القلة التي تستمتع بالعذاب والصَّغار.
والله أعلم!
ملحوظة صغيرة: إن كنت عزيزي القارئ ما لكش فيه وما عندكش فكرة عن الاحتمالات ولا الرياضيات ولا المعادلات ولا الكلام ابن الكلب دا، فأنصحك تشوف حد بيفهم، أو تبذل مجهود وتحاول تفهم، أو تاخد كلامي ثقة، وفي جميع الأحوال طول ما أنت ما لكش فيه ما تكتبش أي خرا تعليقاً على الكلام دا علشان مش هأعبر أي حد كاتب فسا كلاب. اللي هيتكلم بالمنطق على دماغ أهلي من فوق. ولو سعادتك شايف إن كلام الله يتسمع حتى لو مش منطقي يبقى برضه خليك في حالك وسيبني في حالي. أنا عن نفسي شايف إن ربنا مش ممكن يقول كلام مش منطقي. مش ممكن أكون أنا أنصح من ربنا، ولو أنا أنصح منه يبقى أنا ربنا الجديد.
التحديث الأول:
تلقيت بعض التعليقات ذات الصلة بهذا الموضوع و اشكر كل من علق متسائلاً أو ناقداً، وفيما يلي ردودي على تلك التعليقات:
-
بخصوص أن محمداً لم يقل أن كل النساء ناقصات عقل ودين بالاستدلال بالحديث المذكور في صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ)
فهذا في واقع الأمر يؤكد أنه قصد كل النساء، فقد استثنى من النساء ثلاثاً كاملات وهذا يعني أنه قصد أن الباقيات كلهن ناقصات، وفي المقابل قال إن كثيراً من الرجال كملوا.
-
بخصوص كفر العشير، أخطأت الفهم و اعتذر وأصحح هذا هنا. كفر العشير المقصود به إنكار إحسان الزوج و ليس الامتناع عن المعاشرة.
في صحيح مسلم بشرح النووي:
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : يُقَالُ : هُوَ الْعَشِيرُ الْمُعَاشِرُ وَالْمُخَالِطُ ، وَحَمَلَهُ الْأَكْثَرُونَ هُنَا عَلَى الزَّوْجِ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ كُلُّ مُخَالِطٍ . قَالَ الْخَلِيلُ : يُقَالُ : هُوَ الْعَشِيرُ وَالشَّعِيرُ عَلَى الْقَلْبِ . وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُنَّ يَجْحَدْنَ الْإِحْسَانَ لِضَعْفِ عَقْلِهِنَّ وَقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِنَّ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى ذَمِّ مَنْ يَجْحَدُ إِحْسَانَ ذِي إِحْسَانٍ .
وفي سنن ابن ماجه بشرح السندي:
قَوْلُهُ : ... (وَتَكْفُرْنَ ) خِلَافَ الشُّكْرِ ، أَيْ : يَجْحَدْنَ نِعَمَهُ قَوْلُهُ : ( الْعَشِيرَ ) الَّذِي هُوَ الزَّوْجُ
وإنما كان فهمي الخاطئ ناتجاً عن حديث آخر ورد في صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح:
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا)
وفي مسند أحمد، باقي مسند المكثرين، إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها باتت تلعنها الملائكة:
حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ وَابْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا بَاتَتْ تَلْعَنُهَا الْمَلَائِكَةُ) قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ حَتَّى تَرْجِعَ
ولا أذكر هذا الحديث تبريراً لفهمي الخاطئ للحديث المعنيّ في هذا المقال، ولكن أذكره توضيحاً لسبب الفهم الخاطئ.
- بخصوص المعنى المقصود في ”يغلبن ذوي الألباب“، ذكرت صديقة أن المقصود هنا هو أنهن يكدن وكيدهن عظيم، وليس أنهن يحدن ذوي الألباب عن الحق، والحقيقة أنني لا أرى فرقاً مطلقاً، فهن إن كدن يفعلن ذلك ليحدن ذوي الألباب عن الحق، وإلا ففيم الكيد؟! وإن كن يكدن فيغلبن ذوي الألباب، فلا أدري كيف يكن ناقصات عقل، والأوقع أن يكن زائدات عقل يغلبن به ذوي الألباب.
- بخصوص اعتبار احتمال صدق النساء واحداً للنساء جميعاً، ذكر صديق أن احتمال الصدق يتفاوت بين البشر، وهذا لا يتعارض مطلقاً مع ما ذكرته في هذا المقال، فهناك متوسط لكل الصفات المطلقة على أي فئة من الأشياء، فمثلاً هناك متوسط لعمر الإنسان، ومتوسط لطول الرجال يختلف عن متوسط طول النساء، ومتوسط لطول ووزن الطفل خلال مراحل عمره المختلفة وكلها تختلف عن بعضها البعض، وكل هذه يؤخذ بها بالرغم من التفاوت بين البشر، ونقاشي في هذا المقال يقوم على متوسط احتمال صدق المرأة ومتوسط احتمال صدق الرجل، ولا أظن أن هناك من سيعارض استخدام متوسط طول المرأة لاختلافه عن متوسط طول الرجل أو لأن النساء تتباين في الطول.
-
بخصوص أن الشهادات تستلزم رجلين أو أن الشهادة على الزنا تستلزم أربع رجال، يجب هنا التفريق بين لزوم الإكثار من عدد الشهود وبين مساواة شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل. الإكثار من عدد الشهود يقلل من احتمال إجماعهم على الكذب، فإذا كان احتمال أن يكون الشاهد الواحد كاذباً هو (س) فإن احتمال أن يكون عدد من الشهود مقداره (ن) كاذبين هو سن، ولأن س أكبر من الصفر وأقل من الواحد الصحيح، فإن سن أقل من س، وكلما كثر عدد الشهود قل المقدار سن، فمثلاً إذا كان احتمال أن يكون الشاهد الواحد كاذباً ١٠٪، فإن احتمال أن يجتمع اثنان على الكذب هو ١٠٪ × ١٠٪ = ١٪، واحتمال أن يجتمع أربع على الكذب هو (١٠٪)٤ = واحد في العشرة آلاف.
النقاش في هذا المقال لا يعتمد على حساب احتمال اجتماع الشهود على الكذب أو الصدق، وإنما يعتمد على افتراض مساواة شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل. إذا كان الأمر يتطلب شهادة رجل واحد أو ألف رجل فإن المعادلات المذكورة أعلاه لا زالت صحيحة ولا زالت تنطبق. القضيتان مختلفتان منطقياً تمام الاختلاف، وإن كان الالتباس بينهما وارد للتشابه. وللتوضيح، افترض أن شهادة أربع رجال لازمة، وأن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل، و أن هناك عدد من الشهود النساء مقداره (ن) و من الرجال مقداره (٤ - ن)، وأن احتمال كذب الرجل هو (س) واحتمال كذب المرأة هو (ص)، فعليه يكون:
((١ - ص)٢)ن × (١ - س)(٤ - ن) = (١ - س)٤
((١ - ص)٢)ن = (١ - س)(٤ - ٤ + ن) = (١ - س)ن
(١ - ص)٢ = ١ - س
وهو يعود بنا إلى المعادلة المذكورة أعلاه.
تعليقات ختامية على التحديث الأول:
قضية أن الشهادة لا تخضع للحسابات وأنها مسألة اجتماعية أختلف معها شكلاً وموضوعاً كشخص يؤمن بالمنهج العلمي، فكل شيء يخضع للحسابات وللتحليل، ولولا ذلك ما وصلنا إلى ما نحن عليه من التقدم. علم الاجتماع وعلم النفس الآن يخضعان للتحليل الإحصائي في المناهج البحثية، والتحليل الإحصائي يختلف عن البحث عن الأسباب، والذي بدوره يبدأ كنظريات تحتمل الصحة والصواب بنسبة متساوية حتى يمكن التأكد منها عملياً (على قدر الإمكان) باستخدام المنهج العلمي والإحصاء.
وعموماً، فإني على أتم استعداد لمناقشة الحجج المخالفة متى كانت هناك حجج، ولكن الادعاء بأن الإحصاء والحساب لا ينطبقان على شيء عملي هو بالنسبة لي مرفوض من جميع الوجوه، إلا إن استطاع أحد أن يقدم دليلاً يستحق الاعتبار على ذلك. كل التعليقات التي تستحق الرد قمت بالرد عليها في التحديث، واعتذرت عما فهمته خطأ، ولا أجد أي غضاضة في الاعتذار عند الخطأ، وأرى أن كوني متبحراً في علوم الحديث أم أجهل من دابة فيها ليس له صلة على الإطلاق بصحة القضية محل النقاش. تلميذ الصف الثالث الابتدائي ليس متبحراً في علوم الرياضيات، غير أن قوله إن مجموع الواحدين الصحيحين هو اثنان صحيح تمام الصحة و لا علاقة له بتبحره في علوم الرياضيات من عدمه. من يرد أن يناقش القضية أرحب به، ومن يرد أن يهاجم لمجرد الهجوم فالأسهل له ولي ألا يقرأ ما أكتب.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق