بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 سبتمبر 2011

الرأي الآخر

Giordano Bruno

Giordano Bruno Campo dei Fiori.jpg
جيوردانو برونو[١]

جيوردانو برونو الفيلسوف وعالم الرياضة والفلك الإيطالي المولود في عام ١٥٤٨ إتفق مع رأي العالم البولندي كوبرنيكوس (Copernicus) حول مركزية الشمس (heliocentrism) وأن الأرض تدور حول الشمس و ليس العكس، كما أتى عام ١٥٨٤ بنظرية مفادها أن الشمس ليست إلا نجم من ضمن النجوم، وأن النجوم يدور حولها أجرام سماوية مثل الأرض، وربما وُجِد عليها حياة عاقلة كالأرض، وأن قوانين الفيزياء واحدة في كل الكون، سواء على الأرض أو في الفلك. اعترض العديد من العلماء في ذلك الوقت على آراء برونو ورُفِض عدة مرات عندما تقدم لوظيفة أستاذ في عدة جامعات مختلفة، وتمت محاكمته أمام محاكم التفتيش الرومانية ووُجِد مهرطقاً ومعارضاً لتعاليم الكنيسة وإيمانها وممارساً للسحر، وتم سجنه لمدة سبع سنوات، ثم أحرق بعدها حياً عام ١٦٠٠ في روما.

بحلول القرن العشرين، صار من الواضح للعلماء في كل مكان صحة نظرية مركزية الشمس وأن الشمس ليست إلا نجم من ضمن نجوم كثيرة يدور حولها كواكب، وأن احتمال وجود حياة عاقلة في الكون غير بني البشر وارد جداً، كما أن قوانين الطبيعة واحدة في كل مكان في الكون. في عام ١٨٨٩ أقامت المملكة الإيطالية تمثالاً لبرونو في نفس المكان الذي أُحرق فيه تكريماً له.

Galileo Galilei

Galilee.jpg
جاليليو جاليلي[٢]

جاليليو جاليلي من أشهر علماء القرن السابع عشر الميلادي وأنبغهم، ويعتبره ألبرت أينشتاين (Albert Einstein) أبا الفيزياء الحديثة. وُلِد جاليليو سنة ١٥٦٤ ميلادية في بيزا (حيث برج بيزا المائل الشهير) وكانت له بصمات على العديد من العلوم كالفلك والرياضيات والفيزياء، ومن أشهر ما يُحكَى عنه موقفه من الكنيسة الكاثوليكية في دفاعه عن نموذج كوبرنيكوس الذي ينص على مركزية الشمس، وفي ذلك ألف جاليليو كتاباً أسماه ’الحوار بخصوص نظامي العالم الأساسيين‘ (Dialogo sopra i due massimi sistemi del mondo)، وتعرض جاليليو للمحاكمة أمام محاكم التفتيش الرومانية سنة ١٦٣٣ ميلادية ووُجِد مهرطقاً وحُكِم عليه بنبذ آراءه والسجن ومصادرة ومنع كتابه. الجدير بالذكر أن بعض أساقفة الكنيسة الكاثوليكية أقروا بأن نموذج كوبرنيكس الذي دافع عنه جاليليو هو نموذج دقيق حسابياً ورفضوا كونه يعبر عن الواقع لأن ذلك اختلف مع فهمهم لبعض آيات الكتاب المقدس.

مات جاليليو سنة ١٦٤٢ بعد أن عانى في آخر أيامه من العمى التام ولم يتقبل العالم مركزية الشمس إلا في أواخر القرن التاسع عشر.

William Harvey

William Harvey 2.jpg
ويليام هارفي[٣]

الطبيب وعالم الفيسيولوجي البريطاني ويليام هارفي المولود عام ١٥٧٨ أصدر كتاباً عام ١٦٢٨ أسماه ”تمرين تشريحي على حركة القلب والدم في الكائنات الحية“ (Exercitatio Anatomica de Motu Cordis et Sanguinis in Animalibus) شرح فيه تفصيلاً الدورة الدموية كما نعرفها الآن، وبالرغم من كونه لا يملك سوى عدسة مكبرة في ذاك الوقت، تصور هارفي وجود الشعيرات الدموية لنقل الدم من الشرايين إلى الأوردة، وكانت الفكرة العامة عن وظيفة القلب والرئتين والدم في الجسم البشري في ذاك الوقت ترجع لتصور جالين (Galen) من القرن الثاني الميلادي، وعندما نشر هارفي نظريته عن الدورة الدموية قوبلت بالرفض الشديد من الأطباء المعاصرين، حتى أن بعضهم قال أنه يفضل خطأ جالين على نظرية هارفي لو كانت صحيحة..!

مات هارفي سنة ١٦٥٧ واكتشف الطبيب الإيطالي مارسيلو مالبيجي (Marcello Malpighi) الشعيرات الدموية في رئة الضفدع عام ١٦٦١ مؤكداً نظرية هارفي.

Christian Doppler

Christian Doppler.jpg
كريستيان دوبلر[٤]

كريستيان دوبلر العالم النمساوي الرياضي والفيزيائي المولود سنة ١٨٠٣ إقترح عام ١٨٤٢ أن تردد الموجات يختلف طبقاً لسرعة الموجة بالنسبة للمشاهد، ووصف دوبلر هذه الظاهرة في الأساس للموجات الضوئية الصادرة من النجوم، وتم تأكيد ذلك بالنسبة لموجات الصوت في عام ١٨٤٥، غير أن النظريات العلمية التي كانت تفسر طبيعة الضوء في ذلك الوقت وكيفية انتشار الضوء في ’الأثير‘ (aethur) كانت تتعارض مع نظرية دوبلر بالنسبة للموجات الضوئية، ومن ثم هاجم العلماء آنذاك دوبلر ونظريته التي كانت بالأساس تفسر ’الانزياح الأحمر‘ (redshift) للضوء الصادر من النجوم المبتعدة عن الأرض.

مات دوبلر عام ١٨٥٣، وفي عام ١٨٦٨ أكد عالم الفلك البريطاني ويليام هاجنز (William Huggins) نظرية دوبلر حينما استطاع حساب سرعة أحد النجوم المبتعدة عن الأرض مستخدماً هذه النظرية. وفي يومنا الحاضر، لا يوجد أدنى شك في تلك النظرية، وتُستخدم في العديد من التطبيقات مثل السونار والرادار. يطلق اليوم على هذه الظاهرة ’تأثير دوبلر‘ (Doppler effect).

Ignaz Semmelweis

An engraved portrait of Semmelweis: a mustachioed, balding man in formal attire, pictured from the chest up.
إجناز سيميلفايز[٥]

الطبيب المجري إجناز سيميلفايز الشهير بلقب ’منقذ الأمهات‘ المولود سنة ١٨١٨. أثناء عمله في مستشفى فيينا العام بالنمسا سنة ١٨٤٦، اقترح سيميلفايز أن غسل اليدين بعصير الليمون المكلور (المضاف له الكلور) قبل الفحص المهبلي أثناء الولادة يقلل بشكل ملحوظ من نسبة حدوث حمى النفاس. ونشر سيميلفايز ورقته عن هذا الإكتشاف سنة ١٨٤٧، ولكنه لم يتمكن من تفسير هذا الاكتشاف طبقاً للعلم المعروف آنذاك والذي كان يضع عدة نظريات لحمى النفاس منها أن ’الهواء الفاسد‘ يسبب الأمراض، وأن توازن العناصر الأساسية في الجسم قد يختل مسبباً الأمراض، وكان أصحاب النظرية الأخيرة يعالجون المرضى بفصد الدم (bloodletting). قوبل اقتراح سيميلفايز بغسل الأيدي باستهجان وهجوم شديدين من الأطباء والجراحين في ذلك الوقت، حيث شعر البعض منهم أن في هذا إهانة لهم بسبب ’الإيحاء‘ بأن أيديهم قد تكون غير نظيفة..! كما انتقده الكثيرون انتقاداً لاذعاً لأنه فشل في تفسير اكتشافه. نشر سيميلفايز أخيراً كتابه عن أسباب حمى النفاس سنة ١٨٥٦، غير أن الوسط الطبي رفض التغيير ورفض آراء واقتراحات سيميلفايز.

مات سيميلفايز في مصحة عقلية سنة ١٨٦٥ بعد أن أصيب بمرض عقلي قد يكون ألزهايمر أو اكتئاب شديد أو الزهري المخي، ويرجح أن سبب موته في المصحة العقلية كان نتيجة للضرب والاعتداءات الجسدية عليه في المصحة. بعد أكثر من ٢٠ سنة من وفاة سيميلفايز، رجح الطبيب الألماني الطبيب الألماني (Robert Koch) أن الجراثيم تسبب الكثير من الأمراض، وبدأ الأطباء والجراحون بغسيل أيديهم بالمطهرات قبل الفحص وإجراء الجراحة.

Alfred Wegener

Alfred Wegener ca.1924-30.jpg
ألفريد فيجنر[٦]

ألفريد فيجنر عالم الطقس (بالدرجة الأولى) والجيولوجي الألماني وُلِد سنة ١٨٨٠ وأشهر ما عُرِف عنه هو نظرية الانجراف القارّي (continental drift)، والتي تنص على أن القارات المعروفة كانت كلها قطعة واحدة من الأرض في قديم الزمن ثم انفصلت عن بعدها تدريجياً حتى وصلت إلى حالتها الحالية. نشر فيجنر نظريته عام ١٩١٢، وقوبلت النظرية بالهجوم الشديد والتهكم من علماء الجيولوجيا في ذلك الوقت، وربما كان السبب أن فيجنر لم يكن جيولوجياً متخصصاً.

ظلت نظرية فيجنر منسية لعدة عقود من الزمن حتى حدثت اكتشافات حديثة في الستينات من القرن العشرين، أهمها كان مسح قاع المحيطات، وأكدت هذه الاكتشافات صحة نظرية فيجنر، و لكنه كان قد مات سنة ١٩٣٠ في أحد الرحلات الاستكشافية إلى جرينلاند ودفن هناك.

Robert Goddard

Dr. Robert H. Goddard - GPN-2002-000131.jpg
روبرت جودارد[٧]

روبرت جودارد الفيزيائي والمخترع الأمريكي المولود عام ١٨٨٢ والملقب بالأب المؤسس لعلم الصواريخ الحديث كانت له العديد من الأبحاث والتجارب حول الصواريخ وإمكانية الوصول لارتفاعات عالية، كما اقترح نموذج لما هو متعارف عليه الآن بالبازوكا أو الآربيجي (RPG)، واقترح ونفذ فكرة الصواريخ متعددة المراحل (multistage rocket)، كما استخدم الوقود الجاف والسائل في الصواريخ التي صممها، ومن ضمن ما نشر جودارد عام ١٩١٩ اقتراح أنه بإمكان صاروخ متعدد المراحل شديد الكفاءة أن يصل إلى القمر، ونشرت صحيفة النيويورك تايمز في ١٩٢٠ مقالاً يسخر من جودارد وأبحاثه، واتهمه البعض أنه لا يفهم قوانين الفيزياء الأساسية. صمم جودارد ٣٤ صاروخاً وصل احدها إلى ارتفاع ٢٥٠٠ متراً.

مات جودارد عام ١٩٤٥ بعد أن شهد في العام السابق له الصواريخ الألمانية تمطر على لندن بعد وصولها لارتفاعات شاهقة، وكان عالم الصواريخ الألماني فيرنر فون براون (Werner von Braun) قد طورها بناء على أبحاث جودارد! بدأت الولايات المتحدة الأبحاث للسفر إلى الفضاء عام ١٩٤٧ باستخدام الصواريخ الألمانية حاملةً حيوانات، وكان للاتحاد السوفيتي السبق في سفر الإنسان إلى الفضاء، حيث كان يوري جاجارين (Yuri Gagarin) أول رائد فضاء في تاريخ البشر عام ١٩٦١، وفي عام ١٩٦٩ وصلت الأمريكي نيل آرمسترونج (Neil Armstrong) لأول مرة إلى سطح القمر، ووصل المسبار الفضائي المسمى فوياجر ١ (Voyager 1) الذي تم اطلاقه عام ١٩٧٧ إلى بعد حوالي ١٧ مليار كيلومتر من الشمس، مغادراً آخر كوكب في المجموعة الشمسية.

Subrahmanyan Chandrasekhar

ChandraNobel.png
شندراسيكار[٨]

عالم الفيزياء الفلكية الهندي شندراسيكار المولود سنة ١٩١٠ طور أثناء عمله في المملكة المتحدة نظرية تفيد بأن للنجوم كتلة قصوى إذا تعدتها تحول النجم إلى نجم نيوتروني أو ثقب أسود (black hole). بعد تقديم شندراسيكار ذي الخامسة و عشرين عاماً لهذه النظرية عام ١٩٣٥ تهكم عالم الفيزياء الفلكية الشهير آرثر إدنجتون (Arthur Eddington) ذو الثلاثة و خمسين عاماً عليه علناً و هاجم نظريته بعنف نظراً لأن إدنجتون كان يؤمن بإمكانية وجود الثقوب السوداء بشكل نظري فقط، بينما جاءت نظرية شندراسيكار لتثبت إمكانية تواجدها الفعلي، مما إضطر شندراسيكار أخيراً إلى ترك المملكة المتحدة والبحث عن عمل في الولايات المتحدة الأمريكية حيث عين في جامعة شيكاغو وظلت نظريته مرفوضة لعدة سنوات بالرغم من تمسكه بها ودفاعه عنها.

في عام ١٩٤٤ مات إدنجتون، وفي عام ١٩٨٣ نال شندراسيكار جائزة نوبل بالاشتراك مع عالم الفيزياء الفلكية الأمريكي ويليام فاولر عن أبحاثه في تطور النجوم، ونظريته التي تهكم عليها إدنجتون حين نُشِرت.

Today...

لمجرد العلم، فإن كتابة هذه المقالة وجمع المعلومات التي تحتوي عليها استغرق مني ربما أكثر من ٢٤ ساعة من البحث والكتابة. أي أنني بذلت فيها مجهوداً أعده أكثر من المتواضع بقليل.

جدير بالذكر أن كل المذكورين أعلاه كانت آراؤهم مبنية على دلائل واقعية، ولكن إصرار البشر على المعرفة أو المعتقدات السائدة في ذلك الوقت هو ما جعلهم يسخرون من هؤلاء العلماء ويحاربونهم ويصفونهم بالجنون أو الكفر أو الجهل. واليوم وبعد أن قرأت هذا المقال، لا بد أن تسأل نفسك سؤالاً مهماً. هل لا زلت تعتقد أن الرأي الآخر خطأ بنسبة ١٠٠٪ لمجرد أنه يختلف عن المعرفة والمعتقدات الحالية؟ لا أريد منك الإجابة، لأنني بمنتهى الصراحة لا أهتم، ولكنني بكل تأكيد لم أعد أؤمن أن هناك خطأ مطلق ولا صواب مطلق، وليس هناك ما هو فوق المراجعة وإعادة الاعتبار.

وإن كان أكثر ما لفت نظرك في هذه المقالة أن الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى قتلت واضطهدت العلماء، فأرجو منك أن تحذفني من قائمة أصدقائك، لأنك في رأيي وبمنتهى البساطة إنسان متخلف وذو تفكير متدني ولا يشرفني أن أتعامل معك.

ملحوظة: تم تعديل وتنقيح وإضافة روابط لهذا المقال في يوليو ٢٠١٦.


نسب المصنفات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق